قوله تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير 10}
  {يجير الكافرين} فهو: يمنع الكافرين، ويدفع عنهم العذاب في يوم الدين.
  ثم أمره ÷: أن يقول لهم ما أمره به، من التسليم والإقرار به، والتوكل عليه، والإخلاص له، فقال سبحانه: {قل هو الرحمن ءامنا به وعليه توكلنا فستعلمون من هو في ضلال مبين}، معنى {قل} هو: كلمهم، وانطق لهم، واحتج عليهم، وبين لهم: أن الذي يجير ولا يجار عليه هو الرحمن، ذو المن والإحسان، وإنا به آمنا، فقال سبحانه: {قل هو الرحمن ءامنا به}، يريد: ءامنا بأمانه أنفسنا من عقابه، باتباع طاعته، والإعراض عن معصيته. {وعليه توكلنا}، يقول: وعليه اتكلنا، ومعنى «اتكلنا» فهو: عليه اعتمدنا، وبه اكتفينا، لا نريد غيره، ولا نتوكل على سواه. {فستعلمون}، أي: ستعرفون وتفهمون، وترون وتوقنون. {من هو في ضلال مبين}، يقول: من هو في باطل من أمره، وحسرة من صنعه، وفساد من دينه؟ أنحن أم أنتم؟ والمبين فهو: الظاهر المستبين، الواضح للمتوسمين.
  ثم أمره صلى الله عليه وعلى آله: بتوقيفهم على ما هو عليهم حجة، مما تبين له فيه القدرة، فقال: {قل أرءيتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن يأتيكم بماء معين}، معنى {قل أرأيتم} هو: قل ما تفعلون إن أصبح ماؤكم غورا؟ يعني: إن غار ماؤكم في الصباح، والصباح فهو: أول النهار، عند إدبار الليل وخروجه، فيقول: إن غار ماؤكم في وقت الصبح، فأصبحتم لا ماء لكم. ومعنى {غورا} أي: غار ذاهبا، مغيبا في الأرض سائحا. {فمن يأتيكم بماء}، يقول: فمن يجلب لكم ماء، ويأتيكم به، ويرده في بياركم وأنهاركم. {معين}، فالمعين فهو: الظاهر، فيقول سبحانه: إن غار ماؤكم وذهب، فمن يأتيكم بماء غيره، هل تعلمون أحدا يأتيكم به غير الله؟ وساقيا يسقيكم الماء غيره سبحانه؟ الذي ينزله من السماء إلى الأرض، فيسكنه فيها؛ رزقا لكم، وحياة لكم ولأنعامكم؛ أفلا تعقلون وتفهمون ما به يحتج الله عليكم، وتسمعون مما ترونه بأعينكم، وتوقنون