قوله تعالى: {فانطلقوا وهم يتخافتون 23 أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين 24 وغدوا على حرد قادرين 25 فلما رأوها قالوا إنا لضالون 26 بل نحن محرومون 27 قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون 28 قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين 29}
  أوسطهم}، يعني: أعدلهم قولا. {ألم أقل لكم لولا تسبحون ٢٨}. وقال الإمام أبو الحسين زيد بن علي عليهما الصلاة والسلام: يعني: هلا استثنيتم. {قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين ٢٩}؛ فكان تسبيحهم: استثناءهم.
  وهذا تفسير السورة كاملة للإمام الهادي يحيى بن الحسين #:
  {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
  قول الله تبارك وتعالى: {ن والقلم وما يسطرون ١ ما أنت بنعمة ربك بمجنون ٢}: هذا قسم من الله سبحانه بالنون والقلم وما يسطرون، على أن رسول الله غير مجنون، كما يقول الفاسقون، ونسب إليه المكذبون؛ فأقسم الله بالنون، والنون فهو: الحوت، وما أحسب - والله أعلم -: أن الله أقسم في هذا الموضوع بنون غير نون يونس النبي صلى الله عليه، الذي التقمه، ولبث في بطنه، حتى أراد الله تخليصه فخلصه؛ فأقسم الله به سبحانه تنبيها على عجيب ما جعل فيه وركبه، وقدر له وسبب، من التقامه ليونس رسول الله صلى الله عليه، ومكثه في بطنه حيا سويا، طول ما مكث في جوفه مستجنا، فنبه سبحانه على عجيب ما كان من قذفه له عند إرادة الله لقذفه، فلما أن كان من تدبير الله ø لذلك كله في يونس صلى الله عليه، وأمره بالحوت وسببه - أقسم الله سبحانه في هذا الموضع؛ تنبيها على عجائب ما كان فيه من قدرته.
  وكذلك أقسم بالقلم؛ تنبيها منه لجميع الأمم على ما فعل فيه وركب، وهدى الخلق إليه وسبب، من قطع القلم وبريه، وشقه وقطعه، ومحكم ما هداهم إليه من تدبيره، وفطنهم سبحانه من تقديره، حتى قدروه بقدرة الله تقديرا، ودبروا أحكامه بهداية الله لهم تدبيرا، حتى صلح بعد التقدير، و التأم بعد الإحكام والتدبير، فصار سببا لما يسطر ويكتب، ويبين في الصحف من كل ما سبب؛ فنبه