تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}

صفحة 196 - الجزء 3

  {وإن لك لأجرا غير ممنون}، يقول: لك عند ربك أجرا، والأجر فهو: الثواب والعطاء، على ما صبر عليه من المحن والبلاء. {غير ممنون}، فالممنون هو يقول: غير مستكثر لك، ولا ممنون عليك، يعني: بالذكر له في يوم الدين، والاستكثار له؛ بل هو قليل لك عندنا، وإن كثر في عينك وعين غيرك - صغير ما أعطيناك عندنا، وإن كان عظيما عندك؛ هذا معنى {غير ممنون}.

  {وإنك لعلى خلق عظيم} فهو: ما جعله الله عليه من الطبع الكريم، والقلب البر الرحيم، والأخلاق الحسنة، والطبائع الكريمة، من الصبر والتجمل، والعفو والتحمل، وغير ذلك من الأخلاق التي جعلت فيه، وامتن الله سبحانه بها عليه، التي يعجز عن يسيرها غيره، ولا يحمل القليل منها إلا مثله؛ والخلق فهو: ما يتخلق به العباد بينهم، وتخلقهم فهو: فعلهم، وفعل الله في خلق نبيئه صلى الله عليه وعلى آله فهو: عونه وتوفيقه وتسديده، لكل جميل من الأخلاق، فلما أن كان العون في ذلك من الواحد الخلاق - جاز أن ينسب إليه على طريق مجاز الكلام في قول القائلين، لا أن شيئا من أفعال رسول الله # فعل لرب العالمين، وقوله: {خلق عظيم} فهو: خلق جليل، لا يقدر عليه غيرك، ولا يفعله سواك.

  {فستبصر ويبصرون}، معنى {فستبصر} يقول: سوف ترى ويرون، صدق ما تخبر به ويخبرون، ونذكر لك ونعدك ونعدهم، ونخوفك ونخوفهم، ونشرح لك من أمر القيامة ونشرح لهم، من العذاب والثواب؛ ألا تسمع كيف يقول: {فستبصر ويبصرون ٥ بأيكم المفتون ٦} يقول: فستعلم ويعلمون. {بأيكم المفتون} فهو: المعذب المغبون، ومعنى {ستبصر ويبصرون} هو: تعلم ويعلمون، والعرب تجعل «تبصر» في معنى «تعلم»، و «تعلم» في معنى «تبصر»؛ تقول العرب: «فلان بصير بالحلال والحرام»، تريد: عالم بهما، فهم بأسبابهما، وتقول: «بصير بالشعر، بصير بالنحو»، تريد بقولها: «بصير بها» أي: