تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}

صفحة 204 - الجزء 3

  الباقية؛ وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {لنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون ٢١}⁣[السجدة].

  ثم أخبر سبحانه: أن عذاب الآخرة لمن عتى عن أمره، أشد وأعظم عليه مما ينزل به في حياته ونفسه، فقال: {ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون}، يقول: أجل وأعظم وأخطر، والآخرة فهي: الدار التي أول أيامها يوم القيامة. {لو كانوا يعلمون}، يقول: لو كانوا يفقهون ويعقلون.

  ثم أخبر سبحانه: بما أعد للمتقين، وجعل سبحانه عنده لعباده المؤمنين: {إن للمتقين عند ربهم جنات النعيم}، والمتقون فهم: المتقون لمعاصي الله الخائفون، ومعنى «متقين لمعاصي الله» فهم: التاركون لها، والخائفون من الله العقوبة في ارتكابها؛ تقول العرب: «اتق فلانا»، أي: احذر منه وخفه، وتقول العرب: «اتقوا السلطان»، أي: خافوه، ولا تفعلوا شيئا يجب عليكم فيه العقوبة. {عند ربهم}، فمعناها: عند معادهم إلى ربهم. {جنات النعيم} فهي: جنات الخير المقيم من الشهوات، والمطاعم والمناكح والمشارب والبشارات.

  ثم أخبر سبحانه: أنه لن يجعل مسلما كمجرم، في الحال والحكم، فقال: {أفنجعل المسلمين كالمجرمين}، معنى: {أفنجعل} يقول: أنسوي ونعدل في الحكم والفعل بين من كان مسلما، ومن كان مجرما؟! هذا ما لا يكون أبدا، ولا يعرف من فعلنا وعدلنا؛ بل لكل دار وجزاء وقرار، والمسلمون فهم: المؤمنون بالله، المسلمون لأمر الله، والمجرمون فهم: المعتدون الظالمون لأنفسهم، المجترون على الله ربهم، الذين أجرموا في فعلهم، وعصوا في صنعهم.

  {ما لكم كيف تحكمون}، معنى {ما لكم} أي: ما بالكم. {كيف تحكمون}، يقول: كيف حكمكم بهذا؟ وكيف القول فيه عندكم؟ أفمن فعله فعل المحسن كالمسيء، والضال كالمهتدي؟! إن كان هذا صوابا ماضيا، وحكما