قوله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم 4}
  بالحق عندكم جاريا - فلن تروا هذا حقا أبدا، ولن تسموه حكما ولا عدلا، إن أتى وكان من أحد؛ فكيف تسمونه أو تتوهمون أنه يكون عند ربكم؟!
  {أم لكم كتاب فيه تدرسون}، يقول: كتاب منا إليكم، وعليكم فيه ما زعمتم، من أن المجرم كالمسلم، عند الله في الحكم، فأنتم فيه تدرسون، ومعنى {فيه تدرسون} فهو: فيه يقرأون هذا الحكم، وهذا الأمر الذي تفكرونه، وتجعلونه وتشرحونه وتسطرونه.
  {إن لكم فيه لما تخيرون}، يقول: إن لكم في هذا الكتاب - إن كان عندكم بحق وصدق - لما تخيرون، ومعنى «تخيرون» فهو: تحبون وتريدون، وتبغون وتشاؤون.
  {أم لكم أيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة}، معنى {أيمان} فهي: عهود، يقول: أم لكم علينا، ومعنى {بالغة} فهي: لازمة واجبة إلى يوم القيامة، يقول: ثابتة علينا لكم، ومعنى {يوم القيامة} فهو: في يوم القيامة، فقامت «إلى» مقام «في»، يريد: أم لكم أيمان علينا ثابتة في يوم القيامة بالوفاء لكم بهذا الذي ذكرتم، من أنكم غير معذبين، وأن المجرمين منكم في الحكم عندنا كالمسلمين، وأنهم سواء في الجزاء يوم الدين.
  {إن لكم لما تحكمون}، يقول: إن كان الأمر منا عندكم كذلك، وكان لكم علينا عهد في ذلك فالحكم حكمكم، والقول قولكم، ولكم ذلك علينا ما أردتم، مما تشاؤون وبه تحكمون، مما تريدون وتحبون.
  ثم قال سبحانه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله؛ إنكارا عليهم في فعلهم، وتكذيبا لهم في قولهم: {سلهم أيهم بذلك زعيم}، يريد بقوله: {سلهم} أي: ناظرهم، وافتش أمرهم، واستخبرهم أيهم بهذا القول والخبر زعيم، معنى {زعيم}: كفيل ضامن، يضمنه لهم حتى يأتيهم من قبله ما أحبوا، وتكون