تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}

صفحة 214 - الجزء 3

  وهذا تفسير السورة كاملة للإمام الهادي يحيى بن الحسين #:

  {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}

  قول الله تبارك وتعالى: {الحاقة ١ ما الحاقة ٢}، معنى {الحاقة} فهي: النازلة العظيمة التي تحق بأهلها وتصيبهم، وتواقعهم ولا تخطئهم؛ لأن العرب تقول للشيء إذا أصابه السهم: «حقه، وأصاب حاق وسطه»، تريد: لم يخطئه ولم يعدل عنه؛ بل أصاب الذي طلب وقصد منه. معنى قوله: {ما الحاقة ٢} فهو: تعظيم منه سبحانه لها، وإخبار بجليل ما يحق بأهلها.

  {وما أدراك ما الحاقة}، يقول: ماأعلمك ما هذه الحاقة؟ يريد: أنك لا تعلم منها إلا ما أعلمناك، ولاتطلع من شدتها إلا على مأاطلعناك؛ لأن الله سبحانه تبارك وتعالى لا يقول لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله في شيء: ما أدراك ما هو، إلا وهو أعظم مايكون من الداهية، وأشد ما يكون من النازلة الصائبة.

  {كذبت ثمود وعاد بالقارعة}، فأخبر سبحانه: بتكذيب ثمود وعاد بالقارعة، والقارعة فهي: النازلة التي تقرع الشيء وتصيبه، وتنزل به وتهلكه؛ وثمود وعاد فهما: قبيلتان من أولاد نوح صلى الله عليه، عتتا وطغتا، وكذبتا بما أنذرتا به من القارعة التي قرعتهما، وحلت بهما عند تماديهما فأهلكتهما.

  ثم أخبر سبحانه: بما أهلكهما به على عصيانهما، فقال ø: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية}، معنى الطاغية فهو: ما كان من طغيانهم بعصيان ربهم، وقيل: إن معنى الطاغية التي أهلكوا بها هي: الصيحة التي أخذتهم فأهلكتهم، ومعنى «طاغية عليهم» فهو: مهلكة لهم، غالبة على أنفسهم؛ وهذا فأحسن المعنيين، وأصوبهما عندي؛ والله أعلم وأحكم.

  {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية}، فأخبر سبحانه: بما أهلكت به