تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}

صفحة 215 - الجزء 3

  عاد، كما أخبر بما أهلكت به ثمود، فقال ø: {بريح صرصر عاتية}، والصرصر فهي: الشديدة المدمدمة، المدمرة لما أتت عليهم المخربة، والعاتية فهي: الغالبة الهائلة، التي لا تذر شيئا إلا أتت عليه، و «عتت» فمعناه: صعبت، واشتدت به وغلبت، فلم يستر منها ستر، ولم يكن منها - أي: من شرها - كن، فهي تذهب بما أتت عليه، وتهلك ما ارتمت فيه.

  {سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما}، فمعنى {سخرها} أي هو: جعلها وأذن لها، وسلطها وأنزلها، ومعنى: {سبع ليال وثمانية أيام}: يخبر ø أنه بعثها عليهم باكرا، فأقامت عليهم ثمانية أيام، إلى آخر اليوم الثامن، فكان لهذه الثمانية الأيام سبع ليال: ليلة اليوم الثاني، وليلة اليوم الثالث، وليلة اليوم الرابع، وليلة اليوم الخامس، وليلة اليوم السادس، وليلة اليوم السابع، وليلة اليوم الثامن؛ فكان ذلك سبع ليال، وثماينة أيام؛ لأنها واقعتهم في أول نهار اليوم الأول، وفرغت منهم في آخر نهار اليوم الثامن؛ فكان ذلك سبع ليال وثماينة أيام. ثم قال ذو الجلال والإكرام: {حسوما}، فمعناها: دائمة متوالية، لا راحة فيها، ولا فترة لساعة منها، وما كان كذلك في الدوام والإستواء، وقلة الغفلة والونى - سمي: حسوما، من الليالي والأيام.

  {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية}، فأخبر سبحانه: بحالهم وصفاتهم بعد ما نزل بهم من إهلاكه لهم ما نزل، فمثلهم في ذلك الحال بأعجاز نخل خاوية، وأعجاز النخل الخاوية فهي: أسافلها وما غلظ منها، ومعنى {خاوية} فهي: خاوية من الحياة، أي: ليس فيها شيء من الحياة، فمثلهم بأعجاز النخل الميتة الخاوية؛ لأن النخل إذا ماتت وخويت كانت أضعف ما يكون من الأشياء وأوهاه، وأسمجه في الصورة وأرداه، فمثل سبحانه أجسامهم المهلكة الملقاة بأعجاز النخل الخاوية.

  ثم قال سبحانه: {فهل ترى لهم من باقية}، يريد بقوله: {هل ترى لهم}