قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  أي: هل تحس منهم، فقامت «لهم» مقام «منه»؛ لأنهما من حروف الصفات، ومعنى {من باقية} فهو: من أحد صغير أو كبير؛ إخبارا منه بذهاب الكل ودماره، وانقضائه واستئصاله، حتى لم يبق منهم باق، ولم ينج منهم من عذاب الله ناج.
  {وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة}، ومعنى {وجاء فرعون ومن قبله} فهو: أتى، وفعل واجترأ، هو ومن كان قبله من المؤتفكات. والمؤتفكات فهي: الأمم الكاذبات، على الله المجتريات الآفكات؛ وإنما سميت مؤتفكات: لما أتت به من الإفك، والإفك فهو: العجز عن لحوق الحق، والتمادي في طرق الفسق، فسمي من كان كذلك مؤتفكات؛ مما كان منها من الكذب والإفك على الله في الحالات. {بالخاطئة} فهي: الأفاعيل المخطئة العاصية، والخاطئة التي جاء بها فرعون ومن قبله؛ والمؤتفكات فهي: الأمم المخطئات للصواب المذنبة؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {فعصوا رسول ربهم}، فأخبر: أن الخطيئات التي أتوا بها هي معصية ربهم في معصية رسوله #، وما كان منهم من التكذيب برسالاته. {فأخذهم أخذة رابية}، يقول: أخذهم على معصيتهم لرسوله، واجترائهم على التكذيب بآياته، ومعنى {أخذهم} فهو: أنزل بهم من العذاب الذي لا راد له، ومعنى {رابية} فهي: شديدة، مبالغة بينة.
  ثم أخبر سبحانه: بما كان منه من النعمة، في حملهم في الفلك الجارية، فقال: {إنا لما طغا الماء حملناكم في الجارية}، ومعنى {إنا}: إخبار عن فعله بهم، ومعناها: نحن، ومعنى {لما} فهو: إذ {طغا الماء}، فمعنى {طغا} فهو: علا وكثر، وأتى وطمى، والماء فهو: الماء المعروف، الذي يستغني بمعرفة الخلق له عن شرحه وتفسيره، وذكره وتأويله. معنى {حملناكم} أي: دللناكم على الركوب، وهديناكم إلى عملها، حتى عرفتم ما جهلتم من بنائها، واستدللتم