قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  الفناء بهما، وزوال أمرهما، وانحلال تجسمهما، وردهما إلى ما كانتا عليه أولا من قبل خلقهما.
  قوله: {دكة واحدة} فهو: إخبار من الله ø عن سرعة مضي إرادة الله فيهما، ونفاذ مشيئته في إذهابهما، وإنما معنى قوله: {واحدة} فهو: إخبار منه سبحانه عن نفاذ قدرته، وسرعة كينونة مراده، فمثل سرعة انقضاء ذلك كله بضرب الإنسان بالشيء الذي يكون في يده على الأرض واحدة، ودكه بالشيء الذي يدكه دكة واحدة؛ فأخبر سبحانه: أن إذهابه للأرضين والسموات، ونفخه في جميع صور الآدميين، ورده لأرواحهم في أبدانهم، في السرعة - مثل ضربة الضارب بالشيء الذي يكون في يده على الأرض ضربة واحدة، ليس معها لبث ولا ضربة ثانية؛ وذلك اليوم الذي يكون فيه ما ذكر الله فهو: يوم الحشر والحساب، وملاقاة الثواب والعقاب؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {فيومئذ وقعت الواقعة}، ومعنى {يومئذ} فهو: يوم يكون ما ذكرنا من النفخ في الصور، ودك الأرض والجبال، ومعنى {وقعت} فهو: نزلت وحلت، وكانت وأتت؛ فالواقعة هي: الساعة الواقعة بالناس، والساعة فهي: القيامة التي يواقع الخلق أمرها، ويلقى كلهم فيها عمله، ويقع به جزاء فعله، وبوقوع الجزاء فيها وقع اسم الواقعة عليها.
  {وانشقت السماء} فمعنى انشقاقها فهو: انفطارها، وانفطارها فهو: تقطعها؛ لما يريد الله تبارك وتعالى في ذلك اليوم من فواتها وتبديلها. {فهي يومئذ واهية}، والواهية فهي: المتمزقة المتقطعة، التي قد صارت أبوابها فرجا، كما قال الله سبحانه: {وفتحت السماء فكانت أبوابا ١٩}[النبأ].
  {والملك على أرجائها}، فمعنى {الملك} فهو: الملائكة، فخرج اللفظ كأنه لملك واحد، وهو لجميع الملائكة، كما قال الله سبحانه: {ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ٦}[الانفطار]، فخرج الاسم كأنه لواحد، وهو لجميع الناس،