قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}
  وأرجاؤها فهو: نواحيها وأطرافها وجوانبها، يريد سبحانه: أن الملائكة عند تقطع السماء يكونون واقفين على أرجائها، منتظرين لأمر الله فيها وفي غيرها.
  {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية}، معنى: {يحمل عرش ربك} هو: يقوم به، ويأمر فيه، وينهى بنهي الله تبارك وتعالى، والعرش فهو: الملك، و الملك فهو: جميع ما خلق الله وبرأ، في الآخرة والدنيا، ومعنى: {فوقهم} فهو: منهم، فقد خلفت «فوق» «من»؛ لأنها من حروف الصفات، يخلف بعضها بعضا، ومعنى: {يومئذ} فهو: يوم القيامة، عند وقوع الواقعة، وانشقاق السماء، وكينونة الحساب والجزاء، ومعنى {ثمانية} فقد يمكن - والله أعلم - أن يكونوا: ثمانية آلاف، أوثمانية أصناف من الملائكة المقربين، ينفذون أمر رب العالمين في ذلك اليوم، الذي تحمل الملائكة عرشه فيه، وتكون قائمة به فيه وعليه؛ فأراد الله سبحانه بقوله: {يحمل عرش ربك}: إخبارا منه: أن له سبحانه ثمانية أصناف من الملائكة، أو آلاف يحملون في ذلك اليوم عرشه، وعرشه فهو: ملكه، وحملهم لملكه في ذلك اليوم العظيم فهو: قيامهم فيه بأمر الرحمن الرحيم، وإنفاذهم لحكمه، ومجازاتهم بأمره لخلقه، وإيصال أهل الثواب إلى الثواب، وعتل أهل العقاب، وإنفاذهم لحكمه إلى العقاب، ومحاسبة المحاسبين، وتوقيف الموقوفين، على ما كان من أعمالهم، في مبتدأ ما كان من حياتهم؛ فهذا من أفعال الثمانية وشبهه، وما يكون من غير ذلك ومثله فهو: حمل منهم لملكه الذي هو عرشه؛ فهذا معنى حملها له لا غيره. وقد تقول العرب في ذلك، وما كان من الحال كذلك، لوزير الملك العظيم الشأن، ذي القوة والمقدرة والأعوان: «حمل وزير فلان عنه الأمر»، تريد: كفاه إياه وقام به، وأنفذ فيه كل أمره، واحتذى فيه كله مراده وحذوه، وتقول العرب: «لا تحمل على نفسك ما لا تطيق»، تريد بذلك أي: لا تعمل بما لا تطيق، لا أنه شيء يحمله على ظهره، ولا وزر يقله على متنه، وكذلك تقول العرب: «حمل فلان رعيته ما لا يطيقون»،