تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فهو في عيشة راضية 21}

صفحة 222 - الجزء 3

  عالية ٢٢ قطوفها دانية ٢٣}، معنى قوله: {فهو} يريد أي: من أوتي كتابه بيمينه فهو في عيشة راضية، والعيشة فهي: المعيشة، والمعيشة فهي: الحياة الرضية، والحياة الرضية فهي: الحياة الهنية، وهي: المعيشة الرضية. {في جنة عالية}، والجنة فهي: دار الثواب، والعالية فهي: العظيمة الأمر، الرفيعة القدر، الجليلة الخطر. {قطوفها دانية}، فالقطوف فهي: الثمار، من فواكه الأشجار، التي جعلها الله سبحانه معيشة للمؤمنين، ومتفكها للمثابين، ومعنى {دانية} فهي: قريبة من المتناول لها، متهيئة على أحسن حالاتها.

  {كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية ٢٤}، هذا أمر من الله سبحانه لهم، بأكل ما رزقهم، وشرب ما سقاهم، إباحة منه لهم ما تفضل به عليهم. {هنيئا}، فمعناها: سليما من كل آفة، لا أذى فيه، ولا مخافة في أكله على آكله، لا تخالف طباع آكله، ولا تخالف إرادة متناوله. {بما أسلفتم}، يقول: هو جزاء لكم على ما قدمتم من العمل في الدنيا، فاستوجبتم هذا أجرا لكم في الآخرة التي تبقى؛ والأيام الخالية فهي: الأيام الفانية، أيام الدنيا التي انقضت، وفنيت فمضت.

  ثم رجع سبحانه إلى صفة أهل الشمال، فقال: {وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه ٢٥ ولم أدر ما حسابيه ٢٦}، فمعنى {أوتي كتابه} فهو: حوسب ووقف على ما أحصي عليه من فعله، وعرف من عمله، ومعنى {بشماله} فهو: مثل من الله ø مثله لعباده، ضربه لهم بالشمال، العسر والشدة في كل حال، يقول سبحانه: حوسب حسابا شديدا، ووقف توقيفا عنيفا. {فيقول ياليتني لم أوت كتابيه ٢٥}: هذا قول من استحق الوعيد من ربه، عند معاينة جزاء فعله وسعيه، فحينئذ يقول: {ياليتني لم أوت كتابيه}، ومعنى {ياليتني} هو: وددت أني لم أوت كتابيه، ومعنى {أوت كتابيه} فهو: ألقى سيئ عملي، وأعرف ما أحصي علي من فعلي. {ولم أدر ما