قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23}
  الجزاء بما تقدم من أعمال العباد، و {يصدقون} معناها: يوقنون به ويؤمنون.
  {والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ٢٧} هو: خائفون وجلون.
  {إن عذاب ربهم غير مأمون ٢٨}، ومعنى {مأمون} فهو: غير مندفع ولا منصرف عن أهله؛ بل هو يقينا مواقع لهم، لا يطمعون في انصرافه عنهم، ولا يشكون في هجومه عليهم.
  {والذين هم لفروجهم حافظون ٢٩}، والفروج فهي: المذاكير التي جعلها الله سبحانه لهم؛ لينالوا بها لذة الجماع؛ فأخبر سبحانه ø: أنهم لها حافظون، وحفظهم لها فهو: ألا يجعلوها إلا في المواضع التي أحلها الله لهم من النساء؛ ألا تسمع كيف يقول ø: {إلا على أزواجهم}، يقول سبحانه: إلا على نسائهم. {أو ما ملكت أيمانهم}، فملك اليمين فهو: السراري من الإماء. {فإنهم غير ملومين ٣٠}، يقول: غير معاقبين في مداناة النساء وملك الإماء؛ لأن الله تبارك وتعالى قد أطلق لهم ذلك فيما تسمع من القرآن.
  ثم قال سبحانه: {فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ٣١}، يقول: من ابتغى لفرجه موضعا غير نسائه، أو ملك يمينه من إمائه - فهم عادون، والعادون فهم: المعتدون لما جعل الله لهم، إلى ما حرم عليهم.
  {والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون ٣٢}، والأمانات فهو: صنوف؛ فمنها: أمانة الله عندهم فيما استرعاهم من حقه، وقلدهم من فرضه، ومنها: ما استأمنهم الله عليه من أداء ما جعل في قلوب العلماء من علمه، إلى من هو دونهم من خلقه، ومنها: ما استأمنهم عليه من أمواله، التي قسمها بين من سمى في كتابه، فواجب على من استؤمن على شيء من أموال الله أن يؤديه إلى غاية الأمانة، ويوفره على غاية الوفارة، ومنها: ما يستأمن الناس عليه بعضهم بعضا من ودائعهم وأموالهم، فيجب عليهم في ذلك دفعها إلى أربابها، وتسليمها إلى