تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 243 - الجزء 3

  اللام، فبقيت {أن اعبدوا الله}، والعرب تستعمل ذلك؛ تقول: «جئنا أن ترفدنا»، تريد: لأن ترفدنا، تطرح اللام وهي تريدها، فخرج الكلام كأنه خبر وهو إيجاب. ومعنى {اعبدوا الله} هو: أطيعوا الله، وأقيموا ما افترض عليكم من فروضه، وأمركم به من أموره. {واتقوه} معناها: خافوه ولا تعصوه، وصدقوا وعيده ولا تكذبوه. {وأطيعون} يقول: وأطيعوني {يغفر لكم}، فطرح الياء، فقامت الياء التي في {يغفر} مقامها، ومعنى أطيعوني فهو: اقبلوا قولي، واستنصحوا أمري، ولا تستغشوني وتعصوني، فيما آمركم من طاعة ربي، فتمادوا في معاصيه، والفعل بما لا يرضيه، فتهلكوا بذلك وتدمروا.

  ثم قال صلى الله عليه: {يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى} يقول: إن أطعتموني فاتبعتم رضى الله، وتركتم معصيته - غفر لكم بذلك من ذنوبكم، ومعنى قوله: {من ذنوبكم} هو: يغفر لكم من ذنوبكم ما كان مهلكا من كبائرها، ومحققا عليكم الوعيد منها. {ويؤخركم} يقول: يدفع عنكم العذاب الذي نزل بكم عند معاصيكم، حتى تبلغوا الأجل الذي سماه لكم، وجعله سبحانه غاية على السلام لحياتكم؛ لأن الله تبارك وتعالى جعل للعباد أجلا على الطاعة، ثم هو سبحانه المتولي في ذلك للعقوبة، فإن شاء عاجلهم بالعقوبة، فقطع آجالهم بالمعصية التي كانت منهم، فلم يبلغوا ما أجل الله لهم من الأجل على الطاعة؛ إذ لم يكن منهم الطاعة، فنزل بهم العقاب، فقطع مدتهم عما وقت لهم من الآجال على الطاعة لهم، وقوله: {مسمى} فمعناه أي: معروف مجعول.

  {إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون ٣}، معنى قوله: {إن أجل الله} يريد صلى الله عليه: أن عقوبة الله التي تقطع آجالكم إذا نزلت بكم لا تؤخر عنكم إلى الغاية التي جعلت لكم على الطاعة. {لوكنتم تعلمون ٣} يقول: لو كنتم تعقلون وتفهمون ذلك، وتدرونه على حقيقة المعرفة؛ فأخبرهم