تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 245 - الجزء 3

  ثم قال صلى الله عليه: {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في ءاذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا ٧}، يريد بقوله: كلما دعوتهم ليعملوا عملا صالحا تغفر به ذنوبهم، وتتجاوز عن سيئاتهم. {جعلوا أصابعهم في ءاذانهم} يقول: سدوها بأصابعهم، فأدخلوها في آذانهم؛ لكيلا يسمعوا قولي ودعائي؛ إعراضا منهم عنك، وكفرا منهم سبحانك بك، وبغضا لما أدعوهم إليه، واستثقالا لما أناديهم به. {واستغشوا ثيابهم} يريد: غطوا رؤوسهم بثيابهم، وولوا مدبرين، وهذا فعال يفعله كل من استثقل شيئا وكرهه، ولم يحب أن يسمعه ولا يعاينه، فكانوا يغطون رؤوسهم ووجوههم؛ لئلا يعرفهم، فيدعوهم إلى ما كان يدعوهم إليه، ويحضهم من طاعة الله على ما كان يحضهم عليه. {وأصروا} يريد: أضمروا المعصية، وأقاموا على التكذيب، والإصرار على الشيء فهو: الإقامة عليه. {واستكبروا استكبارا ٧} معناها: تجبروا تجبرا، وخالفوا وعتوا تكبرا.

  {ثم إني دعوتهم جهارا ٨}، يريد صلى الله عليه: دعوتهم مباينة مكاشفة، وناديتهم بالدعوة مناداة ظاهرة، لا أسترها على أحد منهم، ولا أخفيها عنهم؛ فهذا معنى {جهارا}.

  {ثم إني أعلنت لهم وأسررت لهم إسرارا ٩}، يريد بقوله: {أعلنت لهم} أي: أخبرتهم بما ينزل عليهم من العذاب إن عصوا، أو داموا على ما هم عليه وعتوا. {وأسررت لهم}، يريد: كلمتهم في السر بذلك والعلانية؛ لأن الإسرار هو: الإخفاء، فيقول: أخفيت دعائي وإعذاري وإنذاري، وأعلنت به وأتيت من تأكيد الحجة عليهم في ذلك على كل معنى، وأتيت من إكمال الحجة عليهم على الأقصى.

  ثم ابتدأ بعدما أخبر به من اجتهاده في الدعاء لهم سرا وعلانية - الخبر عن قوله لهم قوله: {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا}، معنى {فقلت} فهو: