تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 246 - الجزء 3

  أمرت، ومعنى {استغفروا} أي: توبوا وارجعوا، يقول: أمرتهم بالتوبة إلى ربهم، والرجوع إلى خالقهم. {إنه كان غفارا} يقول: إنه كان للتائبين غفارا، و {غفارا} فهو: غفور، والغفور فهو: العافي عما تقدم، تقول العرب: «غفرت لك ذنبك»، أي: صفحت عنه، وتركته ولم أعاقبك عليه، ولم آخذك بالجزاء فيه.

  {يرسل السماء عليكم مدرارا ١١} أي: أنكم إن تبتم ورجعتم إلى الله سبحانه وأخلصتم أرسل السماء عليكم مدرارا، وإرسال السماء فهو: إرسال ما فيها من المطر، لا إرسالها في نفسها، والسماء هاهنا فهي: السحاب الذي يكون في المطر، لا السماء الخضراء التي هي السماء العليا، والعرب تسمي السحاب: سماء؛ تقول: «كانت على بلد كذا وكذا سماء حسنة»، تريد: سحابا حسنا، فقال سبحانه: {واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها}⁣[يوسف: ٨٢]، فقال: القرية والعير، وإنما أراد: أهل القرية وأهل العير، ولا القرية بعينها، ولا العير، وكذلك تقول العرب كلهم، وفي ذلك ما يقول الله سبحانه: {وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم}⁣[البقرة: ٩٣]، فقال: {وأشربوا في قلوبهم العجل}، والعجل لا تشربه القلوب، وإنما أراد: شربوا في قلوبهم حب العجل، فطرح «حب»، وأقام «العجل» مقامه، والعرب تفعل هذا بالشيء الذي من جنس الشيء المنسوب إليه، المعروف الكائن منه وفيه، وفي ذلك ما قال شاعر من العرب:

  ألا إنني أسقيت أسود حالكا ... ألا بجلي من ذا الشراب ألا بجل

  يريد: سقيت سما أسود حالكا، والأسود فهو: الحية، فقال: سقيت أسود، وليس الأسود يسقاه الناس، وإنما يسقون سمه، فأقام الأسود مقام السم؛ لأنه منه وإليه يعرف به، ويستدل به عليه، ومعنى قوله: {مدرارا} أي: كثيرا دارا، والدار فهو: التابع المتوالي، الذي لا ينقطع بعضه من بعض.

  {ويمددكم بأموال وبنين} فمعنى {يمددكم} أي: يعطيكم، ويزيدكم