تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 248 - الجزء 3

  {جعل القمر} أي: خلقه وصوره، وجعله فيهن نورا وقدره، فلما كان القمر في بعضهن، وهي السماء الدنيا - جاز أن يقال: «فيهن»؛ إذ كان في بعضهن، وكذلك يقول القائل من العرب: «نزلت في العراق» وإنما نزل في بعضه، ولم ينزل في كله، ويقول: «خضت البحر» وإنما خاض طرفه وبعضه، فقال: «خضت البحر»، ولم يخض منه إلا اليسير، وقد بقي منه الكثير، وكذلك يقول القائل: «رميت في عسكرهم بسهم»، وإنما في جانب منه، ولم يرم في كله، فعلى هذا المعنى يخرج قول الله سبحانه: {وجعل القمر فيهن نورا}، وإنما هو: في واحدة. معنى قوله: {وجعل الشمس سراجا}، والسراج فهو: النور المتوقد الذي يضيء به ما بين السماء والأرض، فلما أن أضاء بالشمس ما بينهما - كانت كما قال الله: {سراجا} فيهما.

  {والله أنبتكم من الأرض نباتا ١٧}، فمعنى {أنبتكم} فهو: خلقكم، والمخلوق من الأرض فهو: أبو الخلق آدم #، فلما أن كان خلقه من التراب وابتداؤه، وجعله واقتضاؤه - جاز أن يقول لمن كان منه: أنبتكم من التراب؛ إذ أصلهم منه كان، وعنه بقدرة الله بان. و {نباتا} فهو: خلقا من التراب وتصويرا، وجعلا منه وتقديرا.

  {ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ١٨}، فمعنى {يعيدكم} أي: يردكم فيها من بعد موتكم، ومعنى {يخرجكم إخراجا} فهو: يحييكم بعد الموت، ويخرجكم من الأرض بعد الفناء والبلى، والمصير إلى الرفات في الثرى، في يوم الدين، وحشر العالمين. {إخراجا} فهو: خروجا حقا، وقولا صدقا، لا يخامره باطل ولا محال، ولا فساد في قول ولا فعال.

  {والله جعل لكم الأرض بساطا ١٩}، فمعنى {جعل} أي: فعل وسوى، وبسط ودحا، و {بساطا} فهو: فراشا مبسوطا يرقد عليه، ويوافى في كل الحالات إليه؛ فشبه الأرض في انبساطها للخلق - بالبساط المبسوط لهم،