تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 249 - الجزء 3

  الذي يجلسون عليه؛ إذ كانت لهم مضجعا ومفترشا، ومأوى ومبسطا؛ ألا تسمع كيف يقول سبحانه: {لتسلكوا منها سبلا فجاجا ٢٠}، يقول سبحانه: جعلناها لكم بساطا منبسطا، طويلا عريضا، ذا بعد ومدى. {لتسلكوا منها}: لتسيروا فيها. {سبلا فجاجا}، والسبل فهي: الطرق، و {فجاجا} فهو: جوانبا وشعابا؛ لأن الفج هو: الشعب العظيم من الأرض، والجانب الواسع الذي يكون بين الجبال؛ فسمى ذلك: فجاجا.

  {قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا ٢١}، معنى {عصوني} أي: خالفوني ولم يطيعوني، وجنبوا عن أمري، واستخفوا بدعوتي. {واتبعوا} فهو: أطاعوا، وأحبوا وأرادوا. {من لم يزده ماله وولده إلا خسارا}، يقول: لم يزده ما رزقته من المال والولد إلا خسارا، أي: كفرانا وعصيانا، حتى خسر بماله وولده ما ربح المؤمن بهما، من الشكر لربه سبحانه عليهما، فصار لنعم الله خاسرا؛ إذ كان له في ذلك غير شاكر، وبما أعطاه منه غير ذاكر.

  {ومكروا مكرا كبارا ٢٢}، يعني نوح صلى الله عليه: قومه، ومعنى {مكروا} فهو: تخبثوا وتحيلوا علي، وأداروا دوائر السوء في؛ و {كبارا} فهو: مكرا كبيرا، عظيما كثيرا، والمكر فهو: ما ذكرنا من البغي والخدائع.

  {وقالوا لا تذرن ءالهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا}: وهذا قول من قوم نوح صلى الله عليه، حين دعاهم إلى الله، وأمرهم بترك ما يعبدون من دون الله، فقالوا: {لا تذرن ءالهتكم}، وهو قول من بعض لبعض، وآلهتهم فهي: الأصنام التي كانوا يعبدونها من دون الله، ومعنى {لا تذرن} فهو: لا تتركن ولا تخلن، ولا تفارقوا ولا تدعن.

  {ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا ٢٣ وقد أضلوا كثيرا}، فهؤلاء