تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 250 - الجزء 3

  الأصنام كلها: أصنام كانت تعبد من دون الله؛ فأما سواع ويغوث ويعوق ونسر - فكانت باليمن، وأما ود فكان بدومة الجندل، وأما سواع فكان بجوف همدان، وأما يعوق فكان بخيوان، وأما يغوث فكان في حمير، وأما نسر فكان في مراد مذحج، وكان قوم نوح يجلونها ويعظمونها وإن لم تكن عندهم، فتعلقوا بعبادتها، وتآمروا بأن لا يخلوا عنها ولا يتركوها، وأن يثبتوا عليها، ويخالفوا نوحا صلى الله عليه وما يدعو إليه.

  ثم قال #: {وقد أضلوا كثيرا}، ومعنى {وقد أضلوا كثيرا} يخرج على معنيين:

  فأما أحدهما: فعلى مجاز الكلام؛ فيكون عنى صلى الله عليه: الأصنام، فجاز أن يقال: أضلوا؛ لما أن كان الضلال عن غيرها بأسبابها - جاز أن يقال: أضلوا.

  والمعنى الآخر: أن يكون عنى بالإضلال: من يدعو إلى عبادة الأصنام من الناس، من قومهم وغيرهم؛ وهذا عندي أشبه المعنيين وأحسنهما.

  {ولا تزد الظالمين إلا ضلالا ٢٤} فهي: دعوة من نوح # على الظالمين، أن لا يزيدهم الله إلا ضلالا، والضلال فهو: الخذلان؛ فسأل الله سبحانه نوح صلى الله عليه أن يزيد من عصاه خذلانا وشقاء، حتى يكون ذلك مستوجبا للعذاب والبلاء.

  ثم أخبر سبحانه بما نزل عليهم من العذاب الذي حل بهم، فأغرق كل من كان منهم، فقال: {مما خطيئاتهم أغرقوا}، فمعنى {مما خطيئاتهم} فهو: بخطيئاتهم أغرقوا، ومعنى «من» معنى الباء، أراد: بخطيئاتهم أغرقوا، فأقام «من» مقام الباء؛ لأنها من حروف الصفات، يخلف بعضها بعضا؛ وقد تقدم شرحنا في ذلك، وذهبت النون من «من»؛ لأنها أدغمت في الميم، فبقي {مما خطيئاتهم}، و «ما» هاهنا فهي: صلة، المعنى فيها: من خطيئاتهم، ومعنى «من