تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا 27}

صفحة 251 - الجزء 3

  خطيئاتهم» فهو: بخطيئاتهم، فقامت «من» مقام الباء، أراد: بخطيئاتهم أغرقوا، فأدخلوا نارا من بعد الإغراق، وخطيئاتهم فهي: ذنوبهم، وعصيانهم لربهم، الذي به هلكوا، وبسببه أغرقوا.

  {فأدخلوا نارا} أي: صيروا إلى النار، وجعلت لهم موضعا وقرارا. {فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ٢٥}، يقول: لم يكن لهم مدافع لله عنهم، ولا ناصر منه لهم، يدفع عنهم ما نزل بهم من عذابه، ولا يحجز عنهم ما حكم به، من إغراقهم، على ما كان من عصيانهم. و {أنصارا}، والأنصار فهم: المدافعون عنهم من الأعوان.

  {وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ٢٦}، فهذا دعاء من نوح صلى الله عليه على الكافرين، ومعنى {لا تذر} أي: لا تترك ولا تدع، ومعنى {على الأرض} فهو: في الأرض، والكافرون فهم: العاصون، الفجرة المكذبون. {ديارا} فهو: أحد يدور؛ لأن «ديارا» مشتقة من «يدور»، ومعنى «يدور» فهو: يجول في الأرض ويجوب، وسواء قيل: ديارا أو دوارا؛ لأن العرب تقيم الياء مقام الواو، والواو مقام الياء، في كلامها وأشعارها.

  قوله: {إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ٢٧} هذا قول من نوح #، يقول: إنك يا رب إن تذرهم ولا تأخذهم - يضلوا عبادك الذين يقدرون عليهم، وينالون إضلالهم؛ ومعنى {يضلوا} أي: يهلكوا ويغووا، ويفسدوا ويكفروا من قدروا عليه، من جهلة العباد، حتى يفسدوا بذلك البلاد. {ولا يلدوا}، يقول: لا يخرج من أصلابهم إلا ولد يتبعهم في كفرهم، ويساعفهم في تكذيبهم، ويتبعهم في دينهم، فيكون بفعله ذلك فاجرا كفارا، فاسقا غادرا.

  ثم دعى صلى الله عليه لنفسه ولوالديه، ولمن دخل بيته مؤمنا، وللمؤمنين