تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة الجن

صفحة 255 - الجزء 3

  {وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ٥}، ومعنى {ظننا}: أيقنا، ومعنى {أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ٥} أي: أن شرار الإنس والجن يقولون على الله الكذب، و «لن» هاهنا حشو وتزيين للكلام.

  {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا ٦}: فهذا إخبار من الله ø عمن كان من الإنس يعوذون بالجن، ومعنى {يعوذون} فهو: يلوذون ويستجيرون. {فزادوهم رهقا ٦} أي: فزادوهم إثما وبلاء، ولم ينفعوهم في شيء من الأشياء، التي طلبوا منفعتهم فيها، ليزدادوا بفعلهم رهقا؛ والرهق فهو: ما ذكرنا من الإثم عند الله والضرر، وذلك: أن العرب في الجاهلية كانوا إذا نزلوا واديا، أو فضاء من الأرض في مجمعة أو سفر - قالوا عند وقت نزولهم، وحطهم لرحالهم: «إنا نعوذ بكبراء أهل هذا الوادي وسكانه من الجن من شر شرارهم»، فكانوا كذلك، فيعوذون بالجن، ويتركون التعوذ بالله؛ فأخبر الله سبحانه: أن ذلك يزيدهم إثما، وبلاء وجرما، ولا يرون به منفعة ولا رخاء، ومعنى {فزادوهم رهقا} أي: زادوهم بتعوذهم إثما وبلاء.

  {وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا ٧}، معنى {وأنهم ظنوا} فهم: سفهاء الجن، كانوا يظنون كما يظن أهل الجاهلية من الإنس. {أن لن يبعث الله أحدا} أي: أن لن يبعث الله رسولا إليهم، فكانوا في الإنكار للرسل هم وسفهة الإنس سواء، حتى جاءهم من الله البيان، ووضح لهم الحق بأوضح البرهان، ومعنى {يبعث} فهو: يرسل رسولا، يحتج بحجته، ويدعو الثقلين إلى طاعته.

  {وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا ٨}، فمعنى {لمسنا السماء} أي: حسسناها، واستخبرنا خبرها وجاورناها؛ لنعلم خبر أمرها: ما هذا الذي حدث فيها؟ {فوجدناها} أي: وجدنا من أمرها وخبرها أنها {ملئت حرسا}، ومعنى {ملئت} أي: جعل فيها كلها حتى أحصيت،