سورة الجن
  والحرس فهم: الملائكة À الذين يحرسون مقاعد السماء وأقطارها، من مردة الجن وشياطينهم؛ لكي لا يأخذوا شيئا من أخبارها، ومعنى {شديدا} فهو: قويا حافظا. {شهبا} فمعناها: نجوما متوقدة، جعلت لهم رجوما، وإنما سميت شهبا لتوقدها وتلهبها؛ فشبهت بالنار في توقدها.
  وهذه النجوم فلم يكن يرمى بها من قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وتنبأ، ونزل عليه من الله الوحي - حرست السماء ممن كان يقعد من مردة الشياطين في مقاعدها، وتسمع أخبار ملائكتها، فتنزل به إلى إخوانهم من كهنة الأرض؛ فأراد الله تبارك وتعالى: أن يبطل أخبار الكهنة، حتى لا يعلم أحد من أهل الأرض شيئا من أخبار السماء، فمنع سبحانه الشياطين من استراق السمع بهذه الشهب التي تقذفهم الملائكة بها، التي حرسها سبحانه عليهم، وأمرها بهم، كرامة منه لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله، وحياطة لوحيه؛ لئلا ينزل إلى الأرض من علم السماء شيء، إلا على لسان نبيئه صلى الله عليه وعلى آله، وقد كانت الشياطين تسترق من أخبار الملائكة، وتخابرها بينها بما يأتيها من الله ربها، من أمره لها بما يكون من سقي البلاد، وغيره من أخبار ما يأمر الله به ملائكته، تتخابر به الملائكة بينها في السماء الدنيا، فتسترقه مردة الشياطين، وتنزل به إلى كهنة الأرض؛ فلم يزالوا كذلك، حتى بعث الله نبيئه صلى الله عليه وعلى آله، فحجبت الشياطين عما كانت عليه، بهذه النجوم التي تقذفها بها عند طلبها ما كانت عليه من استماعها؛ ألا تسمع كيف قالت الجن عند ذلك: {وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ٩}، فأخبر: أنها كانت تقعد من السماء مقاعد، والمقاعد فهي: المواضع التي يصعد فيها من يقعد فيها للاستماع. ثم قال: {فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ٩}، يريد فمن يقعد الآن للاستماع يجد له شهابا رصدا، يقول: يجد له نجما منها. {رصدا}، أي: مستعدا، فيقذف به عندما