سورة الجن
  الله أن يكونوا له في العبادة كذلك، وأن لا يفعلوا كما يفعل أهل الكفر والمهالك، من اليهود والنصارى، الذين يشركون مع الله غيره، عند اجتماعهم في كنائسهم وبيعهم، وأعيادهم وعبادتهم بزعمهم - لعنهم الله - لربهم، ويدخلون في تلك الكنائس والبيع عبادة غير الله، وذكرهم المسيح والعزير، وغير ذلك مما يأتون به، ويذكرونه في مواضعهم هذه من كفرهم.
  ثم ذكر ما يكون من الكفرة الفاسقين، المحاربين لله ولرسوله # المعاندين، عند قيام رسول الله صلى الله عليه وآله في مسجد الله، يدعو الله ويوحده، وينفي عنه كل ظلم وينزهه، من الإجماع عليه بالقبيح من فعلهم، وما كادوه به من كيدهم، حتى صرف الله ذلك عنه، وسلمه برحمته صلى الله عليه وآله منه، فقال ø مخبرا بمنته على عبده، فقال: {وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا ١٩}، يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله لما قام يدعو الله ويوحده - كاد مشركو قريش أن يكونوا عليه لبدا، ومعنى {كادوا} فهو: أرادوا وهموا، ولم يفعلوا إذ لم يقدروا. و {يكونون عليه لبدا} أي: فهم يغشونه جميعا معا، حتى يقعوا بأنفسهم عليه، ويبلغوا ما أملوا فيه، من الهلكة التي صرف الله سبحانه عن نبيئه تلفها، ومنعهم بعزته بلوغها؛ وذلك من قريش وغيرهم ممن تبعهم: كفرا بالله، وحسدا لرسول الله، صلى الله عليه وآله؛ فأرادوا: أن يرموه بأنفسهم معا؛ لأن يجتثوه من الأرض اجتثاثا، فيستأصلوا شأفته - صلى الله عليه وعلى آله - استئصالا، غضبا عليه في طاعة الله، ومشاقة وكفرا منهم بالله.
  وقد قال غيرنا: إن الذين كادوا يكونون عليه لبدا هم: مؤمنو الجن الذين استمعوا القرآن، فكادوا يغشونه ويطؤونه؛ محبة منهم له.
  وليس ذلك يصح في البيان، وليس هم إلا من ذكرنا من مشركي الإنسان؛ ألا تسمع كيف قال لهم؛ إنكارا منه لفعلهم، الذي كادوا أن يكون منهم: {قل إنما