تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ياأيها المزمل 1}

صفحة 266 - الجزء 3

  واعلم - رحمك الله - أن الله ø لم يعن بما ذكر من الصلاة في أول هذه السورة وآخرها، إلا صلاة العتمة المفروضة؛ فجعل هذه الأوقات لمن كان كذلك وقتا؛ ألا تسمع كيف قال سبحانه: {علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرأوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا}؛ فأوجب على كل مريض، وعلى كل مسافر، وعلى كل مجاهد فعل ذلك، وإقامة الصلاة في هذه الأحوال كلها، ولا يجب ما أوجب الله من ذلك، على من كان من الخلق كذلك، إلا وهو فرض مؤكد، وأمر مشدد. ولا يعرف لله في الليل فرض صلاة مفروضة، إلا ما ذكرنا من العتمة والعشاء، وقد شرحنا ذلك وفسرناه، واستقصيناه فيما شرحنا من تفسيره في سورة المزمل.

  وقال في كتاب الأحكام للإمام الهادي #، بعد ذكره للآية ما لفظه:

  فأمرهم بالقراءة لما تيسر من القرآن في قيامهم وصلاتهم؛ فدل بما افترض عليهم من القراءة في أي هذه الأوقات كان قيامهم فيه - على فرض العتمة التي بينها الرسول #، وهي العشاء التي سماها الله في قوله: {ومن بعد صلاة العشاء}، والعشاء فهي: التي يدعوها الناس العتمة.

  وقال في مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم #، في تفسير السورة، في سياق بيان أوقات الصلاة:

  فدل سبحانه فيما نزل من هذه الآيات، على: ما قلنا به من الأوقات، فيما فرض في الليل من الصلوات، ودل على: ما يجب في الصلاة، من: الذكر والتسبيح والقراءة؛ فلا يكون أبدا المزمل إلا مضطجعا أو نائما، ولا يصلح أن يكون أبدا قاعدا ولا قائما.