قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  هي بلا شك سقر. {أو يتأخر}، يقول: يتأخر عن العمل بما ينجيه منها، ويسوف التوبة التي هي سبب النجاة من عذابها، حتى يأتيه أجله، فينقضي عمله، فيكون بتأخره عن التوبة من الهالكين، كما كان من تقدم بالتوبة والعمل الصالح من الناجين.
  ثم قال سبحانه: {كل نفس بما كسبت رهينة ٣٨}، فأخبر ø: أن المتقدم والمتأخر مأخوذ بعمله، مجازى بفعله، وأن كل نفس رهينة بكسبها، وكسبها فهو: عملها، وبما قدمته في حياتها من برها ورشدها، أو غيها وفسقها وكفرها. قوله: {رهينة ٣٨} فمعنى {رهينة} أي: مأخوذة مرتهنة، ومعنى مرتهنة أي: محبوسة محاسبة.
  {إلا أصحاب اليمين ٣٩}، فذكر سبحانه: أن كل مسيء وظالم عاص متعد، مأخوذ بفعله، معاقب على صنعه، ثم ميز بينهم وبين عدوهم من أهل الإيمان، فقال: {إلا أصحاب اليمين ٣٩}، فذكر: أن أصحاب اليمين ناجون، ومن عذاب الله سالمون، وأصحاب اليمين فهم: أصحاب الدين، والمعرفة واليقين، ومعنى اليمين فهو: اليمن والبركة، في التقديس من الله والنعمة، لا أن ثم يمينا وشمالا.
  ثم قال: {في جنات يتساءلون ٤٠ عن المجرمين ٤١}، فالجنات فهي: ما ذكرنا من مواضع النعمات والسرور، والغبطة والملك والحبور. {يتساءلون ٤٠ عن المجرمين ٤١}، فأخبر: أن المتقين أصحاب اليمين والخير؛ إذ صاروا إلى دار النعيم، ومحل المؤمنين، يتساءلون فيما بينهم عما كانوا يعرفونه من المجرمين، وتساؤلهم فهو: تذاكرهم لهم، ولما كان في الدنيا من تجبرهم وكفرهم؛ إيقانا منهم بما صاروا إليه من عذاب النار، وانقلبوا إليه من سوء الدار.
  ثم رجع سبحانه، فذكر مساءلة خزان النار لأهل النار، وتقريعهم لهم؛ لما