تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}

صفحة 290 - الجزء 3

  كان من فسقهم وكفرهم، وإعراضهم عن ذكر ربهم، فقال: {ما سلككم في سقر ٤٢}، حكى قول الخزنة من الملائكة البررة، للفاسقين المعذبين، ومعنى {ما سلككم في سقر ٤٢}، أي: ما أولجكم وأدخلكم في سقر؛ وهذا من الملائكة À تقريع لأهل النار، وتبكيت للفجرة الكفار؛ لا أنهم جهلوا ما الذي سلكهم فيها، وصيرهم من حكم الله إليها؛ وكيف يجهلون ذلك، وهم بحكم الله عارفون، وبعدله واثقون، وبما سلك عباده في جهنم عالمون؟!

  ثم ذكر سبحانه ما يكون من جواب أهل النار لهم، فيما عنه سألوهم، فقال: {قالوا لم نك من المصلين ٤٣ ولم نك نطعم المسكين ٤٤}، أي: ندفع الزكاة، فأقروا على أنفسهم بأنهم لم يكونوا يؤدون فرض الصلاة الواجبة، وأنهم لم يكونوا يطعمون المسكين، ومعنى {نطعم المسكين} أي: ندفع فرض الزكاة الواجبة، التي جعلها الله للعالمين نجاة.

  ثم قالوا: {وكنا نخوض مع الخائضين ٤٥}، ومعنى {وكنا} فهو أي: لم نزل، ومعنى {نخوض} فهو: ندخل فيما دخلوا فيه، ولم نزل على ما كانوا عليه؛ والخائضون فهم: العاصون، الداخلون في معاصي الله، الخائضون فيما لا يرضى الله، من قول أو فعل.

  {وكنا نكذب بيوم الدين ٤٦}، فأقروا بما كانوا فيه في الدنيا، من التكذيب بيوم الدين، ومعنى {نكذب} فهو: نبطل ونجحد، ولا نصدق {بيوم الدين}، والدين فهو: الجزاء على ما كان من أفعالهم، تقول العرب: «فلان يدان بفعله»، أي: يجزى بفعله، وكذلك روي أنه مكتوب في التوراة: «يا ابن آدم، كما تدين تدان»، أي: كما تعطي تعطى، ويوم الدين فهو: وقت الدين، وهو اليوم الذي يجازى فيه العالمون، ويحشر فيه المربوبون.