قوله تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة 38}
  {حتى أتانا اليقين ٤٧}، واليقين هاهنا فهو: الموت الذي وعدوا به، ومعنى {أتانا} فهو: واقعنا ونزل بنا.
  ثم قال سبحانه: {فما تنفعهم شفاعة الشافعين ٤٨}، يقول ﷻ: إنهم لو شفع فيهم لم تكن الشفاعة تنفعهم. {شفاعة الشافعين ٤٨}: وإنما هذا تمثيل من الله، وإعلام لعباده بكفرهم، وعظيم جرمهم؛ وذلك: أن الشفاعة تنفع في موضع الأمر اليسير، ولا تنفع في الموضع الذي فيه حكم من الله عليهم بالعقوبة؛ لا أن أحدا من الأنبياء المرسلين، ولا الملائكة المقربين À يشفع لأحد من أهل الوعيد؛ حاش لله أن يكونوا كذلك، أو يفعلوا شيئا من ذلك.
  ثم قال سبحانه: {فما لهم عن التذكرة معرضين ٤٩}، يريد سبحانه: فما لهم كانوا في الدنيا عن التذكرة معرضين؛ ومعنى {ما لهم} فهو: ما بالهم، ومعنى «ما بالهم» فهو: أي شيء كانوا عن التذكرة معرضين؛ والتذكرة فهي: ما ذكر الله لهم، وقص عليهم، وأخبرهم به على لسان نبيئه #، مما يعاينونه في الحشر، ويوم النشر، مما كانوا به مكذبين، وعنه للعبهم معرضين؛ ومعرضون فـ: هم صادون تاركون.
  ثم شبههم سبحانه بإعراضهم، ونفرهم عن الحق الذي كان يتلى عليهم - بالحمر المستنفرة، فقال: {كأنهم حمر مستنفرة ٥٠ فرت من قسورة ٥١}، والحمر فهي: هذه الحمر المعروفة، والمستنفرة فهي: الفزعة المرعوبة، ومعنى {فرت} فهو: هربت، ومعنى {قسورة} فهو: الأسد؛ فذكر الله سبحانه: أن فرارهم عن الحق، ونفورهم عن الصدق - كنفور هذه الحمير من الأسد.
  ثم قال سبحانه: {بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة ٥٢}، ومعنى {بل} فهو: قد، و {يريد} فهو: يحب {كل امرئ} فالمرء هو: الرجل،