تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}

صفحة 299 - الجزء 3

  قسم، وقد تقدم شرحنا لطرح الألف وإثباتها في تفسير أول «عم يتساءلون». معنى {أقسم} أي: أحلف وأذكر. يوم القيامة فهو: يوم الحشر للعالمين، والمناقشة للمربوبين، وإنما سمي قيامة: لما يقوم فيه من الأمر العظيم، الهائل الجسيم، ومعنى «يقوم» فهو: يقع فيه، أي: يكون فيه.

  {ولا أقسم بالنفس اللوامة ٢} فهو أيضا: قسم طرحت منه الألف، كان معناها أولا: أقسم بالنفس اللوامة، والنفس اللوامة فهو: نفوس الثقلين، اللوامة فهي: النادمة المتحسرة التي تلوم صاحبها؛ ذلك أنه ليس من مؤمن ولا كافر إلا وسيلوم نفسه في يوم القيامة، فأما نفس المؤمن فتلومه أن لا يكون ازداد إيمانا وعملا؛ إذ رأت ما جعل لها على إيمانها من الجزاء والنعيم، والفوز الكريم، والملك العظيم، وأما نفس الكافر فتلومه على ما قدم من المعاصي والردى، عند معاينتها لما نزل بها من العذاب الأليم والبلى.

  وإنما أقسم الله سبحانه بيوم القيامة: لما فيه من عجيب الأمور، والفصل والقضاء بالحق والاستواء، ولما فيه من عظيم الثواب لأهله، وجليل العقاب لمستحقه، وإنه يوم عظيم الأمر، جليل الخطر؛ لما فيه من العدل والحق، والفصل بين جميع الخلق؛ فأراد سبحانه بالقسم به: التنبيه على جليل ما فيه من آياته، وأخبر به من صفاته.

  وكذلك أقسم باللوامة؛ تنبيها على جليل ما قدر النفس عليه، وفطرها من الفطرة فيه، فجعلها بتقديره ساكنة في معامد الإنسان ومقاتله، يجري منها نفسه، وتثبت بها حياته، ويكون بها طرأة جسمه، ولين مفاصله، واستقامة جوارحه؛ فنبه الله ø على هذا العجب من فعله، العظيم من صنعه في النفس - بما أقسم به منها، وإنما يقسم الله تبارك وتعالى من الأشياء بكل أمر فيه تدبير، أو أثر صنع حسن أو تقدير، يكون ظاهر الشهادة بالحكمة لجاعله، قاطعا بالقدرة لفاعله، يقسم الله به تنبيها لعباده على التفكر والتذكر لما فيه من أثر صنعه،