قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}
  والشواهد له سبحانه بربوبيته.
  وقد قال بعض من يتعاطى التفسير: إن معنى قسم الله بهذه الأشياء هو: قسم بجاعلها، يزعمون أنه سبحانه أراد: لا أقسم برب يوم القيامة، وكذلك لا أقسم برب النفس اللوامة.
  وهذا عندنا ليس بشيء، وليس يقول بهذا القول من الخلق إلا أعمى، جاهل لما يريد الله بقسمه لما يقسم به من الأشياء.
  ثم قال سبحانه: {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه ٣}، يقول: أيظن الإنسان - أي يتوهم - أنا لن نجمع عظامه، معنى {نجمع عظامه} أي: نردها بعد تمزقها وبلائها، ونحييها بعد ذهابها وفنائها؛ والإنسان هاهنا فهو: جميع الناس الذين شكوا في ذلك من فعل الله، وأنكروه من قول الله، ممن عند عن دين الله، ولم يؤمن برسول الله، من الجاهلية الجهلاء، من قريش ومن شاركهم من العرب وغيرهم.
  ثم قال سبحانه: {بلى قادرين على أن نسوي بنانه ٤}، يقول: بلى، نحن على خلاف ما قالوا، ونحن قادرون على تسوية بنانه، والبنان فهو: الخلق والأسر، والتأليف في الأعضاء والجعل. و {نسوي} فهو: نجعل ونحيي، ونرد إلى القوة كل ما قد بلي، من عظم أو لحم، حتى نرد بنانه إلى الاستواء، بعد ما كان عليه من الخراب والفناء.
  ثم قال: {بل يريد الإنسان ليفجر أمامه ٥}، الإنسان هو: الناس، والإرادة فيهم هي: المشيئة. {ليفجر} أي: ليعصي ربه، ويتبع شهوة نفسه، ويسعى في لذة قلبه، ومعنى {أمامه} فهو: ما بقي من عمره وحياته، يريد: أن الفاسق يريد أن يجعل باقي حياته كلها فجورا وفسقا، وعصيانا لله سبحانه وعتيا.