قوله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب 7}
  شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا}، ومثل سورة الحمد، ومثل قوله: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} ... الآية كلها، وغير ذلك مما كان من الآيات المحكمات، اللواتي لا يدخلهن التأويلات، ولا يختلف فيهن القالات.
  والأمهات فهن: اللواتي يرد إليهن المتشابهات، وأم كل شيء: فأصله، وأصله: فمحكمه الذي ترد إليه الفروع والاختلاف، ويقع بالرجوع إليه بعد التشاجر الائتلاف.
  والمتشابهات: فهن ما حجب الله عن الخلق علمه، من الآيات اللواتي لا يعلم تأويلهن غير رب السموات، كما قال الله: {لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا}؛ فأخبر أنه لا يعلم تأويله غيره، وأن الراسخين في العلم - إليه يردونه؛ إذ لم يعلموه، وإذ حجب عنهم تأويله فلم يفهموه؛ مثل: {يس}، و {حم}، و {المر}، و {طسم}، و {كهيعص}، و {الم}، و {الر}، و {المص}، و {ص}، و ما كان من المتشابه مما يحتاج الخلق إلى فهمه: فقد أطلع الله العلماء الذين أمر بسؤالهم على علمه، وهو: ما كان تأويله مخالفا لتنزيله، مثل قوله سبحانه: {وجوه يومئذ ناضرة ٢٢ إلى ربها ناظرة}، ومثل قوله: {والسموات مطويات بيمينه}، ومثل قوله: {تبارك اسم ربك}، ومثل ما ذكر الله من: الضلال، والإملاء، وغير ذلك مما ذكر تبارك وتعالى، مما يتعلق تنزيله(١)، وينسب فيه إلى الله شبه خلقه الجاهلون؛ فأبطلوا بذلك ما ذكر الله من الأمهات المحكمات، اللواتي جعلهن بالحق شاهدات، وعن ظاهر المتشابه ناطقات.
  وقال في كتاب حقائق المعرفة:
(١) لعله: «بتنزيله». ظناً. (جامعه)