تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}

صفحة 303 - الجزء 3

  المعنيين كليهما؛ فإنك لا تعلم الغيب، ولا تعلم إلا ما علمناك، ولا تفهم إلا ما فهمناك.

  ثم قال سبحانه: {إن علينا جمعه وقرءانه ١٧ فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ١٨}، يريد: جمع سوره في قلبه، وتمكين القرآن كله في صدره، والإيحاء به كله إليه، وتنزيله شيئا شيئا عليه، حتى يكمل القرآن كله في صدره مجتمعا، وتضمه جوانحه بالحفظ له كله معا، حتى يكون بحفظه وتأويله فهما، وبتنزيله ومعانيه عالما، فقد جمع الله ذلك كله، وثبت به سبحانه فؤاده. ومن الجمع: جمع كل آية إلى سورتها، حتى تكمل السورة على حقيقتها، فتجتمع الآيات كلها إلى مواضعها، وذلك: أن القرآن نزل عليه صلى الله عليه وعلى آله خمسا خمسا. فذكر الله سبحانه: أنه سيجمعه له، ومعنى جمعه فهو: تأليفه؛ فذكر سبحانه: أن عليه تأليف الآيات بعضها إلى بعض، حتى تكمل السورة سورة سورة، فهذا معنى {جمعه وقرءانه}؛ فمعنى {قرءانه}: تنزيله إليك، وتلاوته لديك، وقراءة جبريل له عليك حرفا حرفا، ويحفظك إياه شيئا شيئا؛ فهذا معنى {قرءانه}.

  {فإذا قرأناه فاتبع قرءانه ١٨}، يقول: إذا قرأه عليك جبريل يحفظك إياه فاتبع قراءة جبريل وتعليمه إياك، ومعنى {اتبع} أي: اتبعه فيه، وقل كما يقول، واقرأ كما يقرأ، وخذ ما يعطيك، وتعلم ما يعلمك من القرآن الذي أمرناه بتعليمك إياه.

  {ثم إن علينا بيانه ١٩}، يقول سبحانه: إن علينا تبيين ما نزلناه إليك حرفا حرفا، وتفسير ما فرضنا عليك فيه شيئا شيئا، فاحفظ تنزيل ما أوحينا إليك تحفظا جيدا، فإذا حفظت التنزيل علمناك التأويل، وفهمناك تبيان ما فيه من الأمر الجليل؛ فأراد الله سبحانه: يثبت قلبه بتعليمه القرآن شيئا فشيئا، فعلمه التنزيل شيئا فشيئا، وعلمه التأويل شيئا فشيئا؛ فأراد سبحانه بقوله: {إن علينا بيانه ١٩} أي: الإخبار له بأن عليه بيان كل شيء أنزله عليه من حرام