قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}
  منعت ودفعت وحرمت.
  {تظن أن يفعل بها فاقرة ٢٥}، ومعنى الظن هاهنا: اليقين، يقول: توقن أنه سيفعل بها فاقرة، و {يفعل} أي: يعمل بها ويصنع، والفاقرة هي: الداهية النازلة، القاتلة المهلكة، وإنما سميت فاقرة؛ لأنها تفقر الظهر، وتفقير الظهر: قطعه، تقول العرب: «فقر ظهره»، أي: دقه وقطعه، وحفره ونقبه؛ من ذلك ما تقول العرب: «أفقروا في الشيء فقرا» أي: احفروا فيه حفرا. ومن ذلك ما سمي عدم الدينار والدرهم: فقرا؛ لأن عدمهما يثقب القلب، ويفقر الظهر، فلما أن كان يعمل ذلك بصاحبه - قيل: نزل به الفقر، أي: نزل به ما يثقل به الحال في كل الأمر.
  {كلا إذا بلغت التراقي ٢٦}، فالبالغة للتراقي هي: النفس عند خروجها من الجسم، وبلوغها تراقي صاحبها، والتراقي فهما: ترقوتا الإنسان المعروفتان، وهما: العظمان اللذان تحت اللحيين إلى أسفل الرقبة وفوق الصدر؛ يريد بقوله: {كلا} أي: لا ترجع النفس موضعها بعد بلوغ التراقي أبدا.
  {وقيل من راق ٢٧}، أراد بذلك: الدليل على جهل الخلق بأمر الله، وقلة علمهم بانقضاء أجل صاحبهم، فهم يطلبون له من يرقيه، ويتوهمون أن به داء غير الموت الذي يفنيه، فهم يقولون: من يرقي؟ والراقي هو: الذي يعوذ ويرقي.
  ثم قال: {وظن أنه الفراق ٢٨}، يريد بقوله: {ظن} أي: أيقن صاحب النفس التي بلغت التراقي - أن الذي هو به الموت الذي يفرق بينه وبين حياته، وهو موقن بالموت؛ لما قد رأى وعاين ووجد، وأهله وإخوانه لا يوقنون بما أيقن، فهم يطلبون له الرقاء والدواء، وقد عاين الداهية الدهياء، وأيقن بالفراق والفناء.
  {والتفت الساق بالساق ٢٩}، والتفاف الساق بالساق فهو: صفهما لخروج الروح منهما، فإحداهما على الأخرى ساقطة، إن وضعت فوقها لم تنقلع عنها أبدا إلا أن تقلع، ولم تماز منها إلا أن تنزع، إن تركت فوقها لم تزل ملتفة أبدا