تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة 22 إلى ربها ناظرة 23}

صفحة 306 - الجزء 3

  بها، وإن نزعت عنها لم ترجع إليها إلا أن يردها غير صاحبها.

  {إلى ربك يومئذ المساق ٣٠} فهذا اليوم الذي قال الله: {يومئذ} - فليس هو: باليوم الذي قال الله سبحانه: {وجوه يومئذ باسرة ٢٤}؛ هذا اليوم هو: يوم وفاة الخلق، وعند معاينتهم لنزول الحق، ومواقعة ما وعدهم الواحد الخلاق، من الموت اللاف للساق بالساق؛ فهذا اليوم الذي ذكر الله فيه: أن فيه إليه المساق، وذلك اليوم فهو: يوم البعث والحق. {المساق}، يقول: المضي به، والتصيير له إليه سبحانه. ومعنى {إلى ربك} أي: إلى الموضع الذي جعله الله مقرا للأرواح إلى يوم مماتها. ويوم ممات الأرواح فهو: ممات الملائكة والجن، وهو: يوم القيامة عند النفخة الأولة، التي ذكر الله: أنه يصعق بها من في السموات ومن في الأرض، ومعنى «يصعق» فهو: يموت ويذهب. ومعنى هذه النفخة الأولة التي ذكر الله، فقال: {ونفخ في الصور}⁣[الزمر: ٦٨] - فهو: صور الخلق وأبدانهم، ومعنى «نفخ فيها» فهو: وقع فيها وواقعها من أمر الله ما أفناها، وحل بها من قضائه ما أزالها وأمضاها، فعند وقوع هذه النفخة تموت أرواح الخلق والجن والملائكة، ثم ينفخ فيها النفخة الثانية بالحياة، كما قال الله: {ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ٦٨}⁣[الزمر]، يقول ø: نفخ في الصور بالحياة مرة أخرى، كما نفخ فيه بالموت أولا، ومعنى {نفخ}: جعل، كما قال الله سبحانه: {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين ٢٩}⁣[الحجر: ٢٩، ص: ٧٢]، يقول: جعلت فيه الروح؛ فنفخ الله تبارك وتعالى في الصور هو: الحياة، كنفخته في صورة آدم بالحياة، وجعل الروح فيهم كما جعله في صورة أبيهم.

  {فلا صدق ولا صلى ٣١}، فطرح الألف، وهذا موضعها وهو يريدها، وقد تقدم شرح هذا المعنى منا في غير هذا المكان، يريد بهذا اللفظ سبحانه: فلو كان في حياته من المصدقين بما جاء من رب العالمين، على لسان النبي الأمين،