تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاء الله}

صفحة 321 - الجزء 3

  -. {وحلوا أساور من فضة} يعني: هؤلاء الولدان الذين هم خدم أهل الجنة، فذكر: لباسهم وحليتهم. والفضة فهي: الفضة المعروفة، البيضاء النقية.

  ثم رجع إلى صفة سادتهم من أهل الجنان، فقال: {وسقاهم ربهم شرابا طهورا ٢١ إن هذا كان لكم جزاء}، يريد: مكافأة لكم على عملكم، وعطاء على سعيكم. {وكان سعيكم مشكورا ٢٢}، فالسعي هو: العمل، والمشكور هو: المقبول؛ فأراد الله سبحانه بقوله: {سعيكم مشكورا} أي: عملكم عندنا مقبولا.

  {إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا ٢٣}، معنى {إنا} يريد أي: نحن إخبار عن فعله، ومعناه: دلالة عليه سبحانه. {نزلنا} معناها: أنزلنا وأوردنا. {عليك القرآن تنزيلا ٢٣} أي: شيئا شيئا، حقا حقا.

  {فاصبر لحكم ربك}، يريد: فاصبر على ما حكم به ربك، من معاشرتهم ومنافستهم، والإعذار والإنذار إليهم. {ولا تطع منهم آثما أو كفورا ٢٤}، يريد: لا تطع من كان آثما كافرا بربه، والآثم فهو: كل من يفعل ما يأثم فيه، والآثم فهو: العنود عن الحق، والكفور فهو: الكافر بربه، الراكب لكبائر معاصي خالقه. والطاعة التي نهى الله رسوله عنها في هذا الموضع فهو: الاتقاء والمخافة لوعيدهم؛ فقال سبحانه: لا تخف شيئا من وعيدهم، وإبراقهم وإرعادهم عليك، فتقف بذلك عن شيء مما يكرهون، من إقامة حدود دينك والإعلان بها.

  وقد ذكر: أن معنى هذه الآية نزلت في أبي جهل بن هشام لعنه الله؛ وذلك: أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله كان يغدو كل يوم، فيصلي عند الكعبة، فقال أبو جهل: والله لئن لم يدع محمد هذا الذي هو عليه، من الصلوات بين أيدينا - لأرضخن رأسه بصخرة إذا سجد. فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، فأنزل الله عليه ما يثبته به، فقال: {لا تطع منهم} أي: لا تهب وعيدهم، فتترك