قوله تعالى: {قتل الإنسان ما أكفره 17}
  وورثة كتابه، وهدانا إلى معرفة علل الحكم وأسبابه، حمدا كثيرا. قوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه ٢٤} معناه: نظر القلب الذي هو: الفكر، والنظر في عجائب الصنع؛ لأن النظر بالأعيان قد وقع من الكافة، وهو لحكمته لا يأمر بالواقع؛ ولعمري إن من أنعم النظر فيما ذكر سبحانه حصل له العلم به تعالى على أبلغ الوجوه؛ لأن الماء واحد، والأرض واحدة، والهواء واحد، والحبة واحدة، والتأثير في الحبة الواحدة مختلف، إذ بعضها يهبط إلى أسفل، وبعضها يصعد إلى أعلى، وبعضها قشر، وبعضها لب، وبعضها ورق، وبعضها عمود، وبعضها غصن، وهي واحدة؛ فيأتي منها أعداد أكثر منها، يعسر حصرها لكثرتها، وربما اختلفت ألوانها؛ بل قد شاهد الكافة ذلك، ثم جميع ذلك يحصل في وقت بعد وقت، شيئا بعد شيء، والعلل موجودة عند من قال بها، والمعلول لا يجوز تراخيه عن علته، وإلا انتقض كونها علة فيه؛ فحينئذ يضطر الناظر العاقل إلى إثبات الصانع المختار، ونفي العلل.
  وهذا تفسير السورة كاملة للإمام القاسم بن إبراهيم #:
  قال أبوعبد الله #: سألت أبي القاسم بن إبراهيم @ عن معنى قوله تعالى: {عبس وتولى ١ أن جاءه الأعمى ٢}؟
  فقال #: هذا تأديب من الله تبارك وتعالى لرسوله: أن لا يعبس في وجه الأعمى الذي يأتيه يطلب منه الاسترشاد والهدى؛ والأعمى هاهنا: أعمى القلب.
  وقيل في ذلك: إن الأعمى أعمى البصر؛ قالوا: هو ابن أم مكتوم، أتى النبي يطلب منه الهدى، فأعرض عنه.
  وليس ذلك كذلك.
  ومعنى {عبس} هو: عبس وتولى بكليته.