قوله تعالى: {فإذا جاءت الصاخة 33}
  فعله وذمه الله منه، وذكره الله بالتقبيح عنه، وأن ابن أم مكتوم العامري جاءه، وجاء معه إليه من ذكر الله غناه، فعبس وتولى عن ابن أم مكتوم الأعمى، وأقبل وتصدى لمن استغنى.
  وما ذكر من هذا القول فلا يجوز على الله، ولا على رسوله ÷؛ لأن الله - تبارك وتعالى في كبريائه وجلاله - لم يذم رسوله بعد إرساله في شيء من فعله؛ لأن الذم: لوم، والملوم: مذموم، ورسول الله صلى الله عليه وآله حميد غير مذموم، وكريم عند الله سبحانه غير مليم.
  وقد يمكن أن يكون العابس الذي ذكره أنه عبس وتولى، عن من جاءه يسعى وهو يخشى، والذي تصدى لمن استغنى - غير رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن يكون الله سبحانه: نزل هذا ذما له ولغيره، والتذكرة فيه، فقال سبحانه {عبس}: لعابس سوى رسول الله عبس وتولى، ممن كان مع رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو ممن سلف من الأمم وخلا، فعبس في وجه أعمى، جاء للهدى مبتغيا، وتصدى لمن كان بالجدة مستغنيا.
  وأما قوله: {وما يدريك لعله يزكى ٣} فليس فيها نفسها دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وآله هو: المذكور في الآيات، والمذموم بها؛ لأنه قد يجوز أن يقول {وما يدريك} له، وهو يريد بها غيره معه، كما قال سبحانه له ولغيره معه: {وما يدريك لعل الساعة قريب}. وكقوله سبحانه: {القارعة ١ ما القارعة ٢ [وما أدراك ما القارعة ٣]}، وقال سبحانه: {وأما من خفت موازينه ٨ فأمه هاوية ٩ وما أدراك ماهيه ١٠ نار حامية ١١}؛ فكان ذلك له صلى الله عليه وآله ولغيره، من أهل دينه وغير أهل دينه.
  وإن يك رسول الله ÷ المعني بذلك - فإنما كان ذلك منه لعلمه وخطره، وطلبه ما هو أصلح وأعز في دين الله وأرجح، من إجابة