تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة الغاشية

صفحة 406 - الجزء 3

  بذي لين ولا ارتواء، تقول العرب لما يبس من شجرة خشناء تدعى «الشبرق»، إذا يبست وأكلت، وذهبت رطوبتها ولينها وعادت عيدانا يابسة وشوكا وذبلت: «رأينا في أرض كذا وكذا ضريعا من شبرق، يابسا مكدودا»، والضريع فمعناه: اليابس القاحل الخشن، الذي ليس برطب ولا لين، فهو لا يزيد كل بدن أكله إلا يبسا وعجفا ونحافة، وهزالا وخشنة وجفوفا؛ فنعوذ بالله الرحمن الرحيم، من عذاب النار وأكل الضريع والزقوم.

  ثم ذكر سبحانه: أهل الطاعة والتقوى، الذين صاروا بسعيهم في رضوانه إلى أرضى الرضى، فقال فيهم تبارك وتعالى: {وجوه يومئذ ناعمة ٨}، والناعمة فهي: الحسنة الألوان والأسباب، ذات البهجة والنضرة والبهاء والازدهار، التي قد رضيت ما كان من سعيها في دار الدنيا، لما رأت ما أثابها الله به من النعيم في جنة الخلد والبقاء، قال سبحانه وهو يذكر في هذه السورة بعض صفات أوليائه في الآخرة: {وجوه يومئذ ناعمة ٨}.

  ثم أخبر سبحانه بما نعمت فيه من الثواب والكرامة، فقال: {في جنة عالية ١٠}، وتفسير العالية: المرتفعة السامية.

  ثم قال تبارك وتعالى: {لا تسمع فيها لاغية ١١}، وتأويل ما ذكر الله سبحانه من اللاغية فهي: الكلمة القبيحة المشينة، يخبر سبحانه: أن أولياءه لا يسمعون في الجنة لغوا ولا كلاما، ممقوتا مؤذيا؛ قال الله سبحانه: {لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما ٢٥ إلا قيلا سلاما سلاما ٢٦}⁣[الواقعة].

  وأما قوله سبحانه: {فيها عين جارية ١٢}، فالعين قد يمكن أن تكون: العيون الكثيرة؛ لأنه قال سبحانه في موضع آخر من كتابه: {إن المتقين في جنات وعيون ٤٥}⁣[الحجر]، وقد يدعى الجميع باسم الواحد في اللسان، وقد قال: {يا أيتها النفس المطمئنة ٢٧}⁣[الفجر]، و {يا أيها الإنسان}⁣[الانفطار: ٦، الانشقاق: ٦].