سورة الغاشية
  ثم قال تبارك وتعالى: {فيها سرر مرفوعة ١٣}، السرر المرفوعة فهي: المستقلة المرتفعة، وتلك أحسن ما يكون من السرر هيئة وصنعة.
  ثم قال سبحانه: {وأكواب موضوعة ١٤}، يعني سبحانه: أنها مهيآت منتشرة، موضوعة حاضرة.
  ثم قال: {ونمارق مصفوفة ١٥}، وتأويل ما ذكر الله من النمارق المصفوفة فهو: المطابقة المعتدلة المصفوفة، وذلك من وصفها وهيآتها - أحسن ما تكون عليه من صفاتها.
  {وزرابي مبثوثة ١٦} فهي: الكثيرة المبددة، وذلك من أحسن وضع الزرابي خاصة.
  ثم قال سبحانه وهو ينبه على الفكرة في آياته، والاستدلال على وحدانيته وحكمته، بما خلق في أرضه وسماواته، حين يقول تبارك وتعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ١٧ وإلى السماء كيف رفعت ١٨ وإلى الجبال كيف نصبت ١٩ وإلى الأرض كيف سطحت ٢٠}، فكل ما ذكر الله سبحانه من هذا كله - فمن عجيب آياته وفعله، ومن الدلائل على قدرته ووحدانيته وحكمته، تدل كل من فكر ونظر فيه، ورمى ببصره متأملا إليه - على أن صانعه في الكبرياء والقدرة والجلال - الله الذي لا يشبهه شيء، ولا يمثل بأمثال؛ فأي عجب أعجب، ودليل على قدرة الله أقرب: مما يرى من رفع السماء في موضعها، وما هي عليه من استقلالها ورفعها بغير عمد، ثابتة لا تزول، وهي من الكبر والعظم على ما تحار فيه العقول، مع ما فيها من الآيات، من الشمس والقمر والنجوم المضيئات، وما قدر الله من مسير الشمس والقمر، من علم عدد السنين والحساب والأوقات، والليالي والأيام والحر والبرد والساعات؟!