تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

سورة الغاشية

صفحة 409 - الجزء 3

  فعقل وأبصر - علم أن الجبل في عظم أسرها، وثقلها وقوتها في ذلك لجميع ما في الأرض كلها - لم تستقل منتصبة، ولم تثبت منذ كونت فيها راسية، إلا بالله الذي أمسكها وقوته، وما أقلها وأثبتها من قدرته؛ فسبحان من نصبها في جو السماء، مع ما هي عليه من عظمها وثقلها، وجعل فيها - مع شدتها وصعوبتها - ما جعل من فجاج سبلها، التي جعلها مسالك ذللها طرقا لمن سلكها من أهلها.

  وما ذكر الله سبحانه من سطح الأرض، الذي تفسيره: ما جعلها عليها من الدحو والسعة والعرض - فعجب عجيب من الآيات، ودلالة منيرة على قدرته من الدلالات.

  ثم ذكر سبحانه لرسوله ÷: {فذكر إنما أنت مذكر ٢١ لست عليهم بمصيطر ٢٢}، وتفسير هذا - والله أعلم -: أن الله أمر رسوله صلى الله عليه وآله أن يذكرهم بالله وآياته، وبما أمر به من طاعته، والانتهاء عن معصيته، وما وعد على الطاعة من مثوبته، وبما توعد به أهل المعصية من أليم عقوبته.

  وتأويل: {لست عليهم بمصيطر ٢٢} هو: أن النبي صلى الله عليه وآله لم يؤمر بتسطير حسابهم، وأن حسابهم إلى الله خالقهم وربهم.

  فأما قول الله تبارك وتعالى: {إلا من تولى وكفر ٢٣ فيعذبه الله العذاب الأكبر ٢٤}، فيفهم تأويله بقوله: {فذكر إنما أنت مذكر ٢١}، كأن تفسير ذلك: أنه إذا ذكر فسيذكر من تذكر، إلا من تولى وكفر؛ فأخبر الله: أنه سيعذب من تولى وكفر العذاب الأكبر.

  ثم أخبر سبحانه: {إن إلينا إيابهم ٢٥ ثم إن علينا حسابهم ٢٦}، وتفسير الإياب: الرجوع إلى الله والانقلاب. ثم أخبر تعالى: بأن عليه حسابهم، والحساب هاهنا تأويله: المحاسبة بأعمالهم، والجزاء منه لهم بالعقاب على سيء