قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا 22}
  الأضحى؛ فأقسم الله بها وذكرها؛ لكيما يعرف الناس فضلها وقدرها.
  وما ذكر الله سبحانه من الشفع والوتر - فمن الآيات عند ذوي الألباب والفكر؛ والوتر فهو: الواحد الفرد، والشفع: فالاثنان من العدد. وإنما أقسم الله من ذلك بما أقسم به لنبيه، بما ذكر في كتابه: على أن الشفع والوتر آية لذوي الألباب والفكر.
  ثم قال سبحانه: {هل في ذلك قسم لذي حجر ٥ ألم تر كيف فعل ربك بعاد ٦ إرم ذات العماد ٧}، يعني سبحانه: هل في الإقسام بهذه الآيات، من الفجر، والليالي العشر، والشفع والوتر، والليل إذا يسر - مقنع في القسم لذي حجر.
  وذو الحجر فتأويله - والله أعلم - عند كل من يعرف اللسان العربي ويفهم - فإنما يخرج على أنه: ذو العقل؛ والعقل فمعناه في اللسان: الحفظ، ولذلك قيل: «فلان عاقل لبيب» يراد: أنه حافظ، للفهم وللصواب مصيب. ومن الدلائل على أن العقل هو الحفظ بعينه، في معناه وقصده وتبيينه - قول جميع العرب إذا أراد حفظ البعير وتشديده بالحبال: «يا فلان، اعقل البعير بالعقال»، يريدون بعقله: حفظه بالعقال؛ وضبط الحفظ فهو: العقل نفسه. والحجر فهو أيضا من: «حجر الشيء من الأشياء وحفظه، وأحاط بالشيء فلزمه»، مثل العقل بعينه في تفسيره وتبيينه. وذو الحجر فهو: ذو العقل، وذو العقل فهو: ذو الحجر، وإنما يراد بذلك: ذو الحفظ واللزوم، للأمر المعقول المفهوم.
  ومخرج هذه الأقسام التي ذكر الله في سورة الفجر - عند قوله: {إن ربك لبالمرصاد ١٤}؛ تخويفا منه - تبارك وتعالى - ووعيدا لعصاة العباد، وذلك: ما ذكر فعله في النقمة لعاد، إرم ذات العماد.
  والعماد: جماعة العمود، وقد جاء فيما جاء من الأخبار عن عاد: أنهم كانوا