تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجاء ربك والملك صفا صفا 22}

صفحة 416 - الجزء 3

  ذراع صعدا، ويقال: إن طول بعضها خمسمائة ذراع في الهواء مصعدا، قدرت حجارتها، ونحتت وجوهها، ثم أطبق بعضها على بعض عند بنائها ورصفها، فليس بينها - زعموا - مدخل الخلال؛ من شدة تراصفها، فأسست عند ابتداء بنائها على عرض عظيم من السعة، فجعل عرض أساسها: ما بين أذرع مذروعة، ثم ذهب في الجو صعدا، ينقص عرضها كلما رفعت شيئا، حتى دقت أعاليها بعد عرض أسافلها، وهكذا ما أخبر من صفاتها كلها. وكان أبي رضوان الله عليه يخبرني: أنه كان يسمع أن تلك الأهرام كانت قبورا للعذارى من بنات الفراعنة، وقد قال بعض الناس: إن فيها كنوزا لهم كنزوها في الأزمان الجاهلية.

  وقد ينبغي لمن تفكر وتفهم: أن يوقن بأيقن اليقين، ويعلم عند تفهمه لقول الله ø في الكتاب: {وفرعون ذي الأوتاد ١٠}: أن هذه الأوتاد من أعظم آثار فرعون فيما كان فيه من البلاد.

  ثم قال سبحانه: {الذين طغوا في البلاد ١١ فأكثروا فيها الفساد ١٢}، فذكر تعالى هذه الأمم الماضية، من عاد وثمود، وفرعون ذي الأوتاد، وأخبر بما كانوا عليه من الطغيان في البلاد، وما أكثروا فيها من الفساد، وكيف كان بطشه بهم وفيهم، حين انتقم منهم، ونزل العذاب عليهم؛ قال الله سبحانه: {فصب عليهم ربك سوط عذاب ١٣ إن ربك لبالمرصاد ١٤}.

  تفسير قول الله - والله أعلم -: {إن ربك لبالمرصاد ١٤}: أن الله لمرصد معد لعذاب من خالف أمره وعصاه من العبيد.

  وتفسير قول الله - والله أعلم -: {فصب عليهم ربك سوط عذاب ١٣}: مفهوم إن شاء الله، عند من فهمه الله بعض تأويل الكتاب - أنه إنما أراد أن يفهم: كيف سرعة انتقامه وعقوبته، إذا أراد أن يأخذ أهل معصيته؛ ليعقل ويفهم من تفكر ويعلم: أن سرعة عقوبته حين يأخذ أهل معصيته، في سرعة وقوعها لمن