قوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى 17 الذي يؤتي ماله يتزكى 18}
  ونورا، لتبتغوا فيه - كما قال سبحانه - من فضله، ولمنته على أهله: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ٧٣}[القصص]؛ فكفى بما في الليل والنهار من الدلالة على الله - دليلا لقوم يتفكرون.
  وتأويل: {وما خلق الذكر والأنثى ٣} فهو: وما خلق به كل ذكر وأنثى، من الأزواج المختلفة الشتى، أزواج الإنس والبهائم والأشجار، وكل ما خلقه زوجا في الأصول والثمار؛ فأقسم بما خلق به جميع خليقته، من: قدرته وحكمته، ومنه ورحمته.
  وقد قال غيرنا: إن تأويل {وما خلق} هو: ومن خلق. يريدون: أن القسم كان بالله جل ثناؤه.
  وليس - والله أعلم - ذلك في القسم كذلك؛ لأن الله تبارك وتعالى أقسم بالليل والنهار، فقدمهما في قسمه، ولو كان تأويل {وما خلق} هو: ومن خلق - لبدأ الله في القسم باسمه وذكره، وعظم اسمه وكبره؛ ولكنه إن شاء الله كما قلنا.
  ثم قال سبحانه: {إن سعيكم لشتى ٤}، فجعل عملهم متفرقا متشتتا؛ لأن عمل المتفرقين، من المبطلين والمحقين - بر وفجور، وصدق وزور؛ فهو كله شتى متفرق: هذا باطل في نفسه، وهذا حق؛ أما تسمع كيف يقول الله سبحانه في تشتته وتباينه، في الدنيا والآخرة وتفاوته: {فأما من أعطى واتقى ٥ وصدق بالحسنى ٦ فسنيسره لليسرى ٧}.
  فإعطاؤه هو: لما يجب من الحقوق عليه، واتقاؤه فهو: فيما أمر بالتقوى لله.
  {وصدق بالحسنى ٦} فهو: تصديقه بأن سيجزى.
  وتأويل: {فسنيسره لليسرى ٧} فهو: سنصيره من الكرامة والثواب، إلى ما سيراه عند موته وفي حشره، وما سيعاينه في الموت والحشر من أمره.