سورة الهمزة
  وقودها - كما قال سبحانه - بما جعل من حجارتها، وأهلها في قرارها؛ وفي ذلك ما يقول تبارك وتعالى للمنذرين: {اتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين ٢٤}[البقرة]، فنار الآخرة جعلت نارا فطرها الله يومئذ افتطارا، من غير حديد ولا حجر ولا شجر، ولا أصل لها قبلها مفتطر، كما نراه من هذه النار التي جعل أصلها من الحجر والأشجار، كما قال سبحانه: {أفرأيتم النار التي تورون ٧١ أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ٧٢}[الواقعة]، ولو كانت نار الآخرة كهذه النار - لكان وقودها بما توقد هذه النار من أشجار؛ ولكن الله ø جعل أصلها حجارتها التي فيها وأهلها، فتوقدت واستعرت لذلك بهم، كما يوقد أهل هذه النار نارهم بحطبهم، فأهلها حطبها، كما هم حصبها، كما قال الله سبحانه: {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ٩٨}[الأنبياء]، فأهل جهنم بخلودها ودوام وقودها - فيها خالدون، لا يفنون أبدا ولا يبيدون، كما يعود الحطب رمادا جامدا، ورفاتا خامدا، كذلك تعود جلود أهل النار نار الآخرة رفاتا، وشيئا هامدا باليا مائتا، فيجدد الله ذلك بعد بلائه وتهافته تجديدا؛ ليخلد الله بالتجديد له أهل النار فيها تخليدا، كما قال سبحانه: {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما ٥٦}[النساء]؛ فنار الآخرة أبدا بحجارتها وأهلها موقدة، وحجارتها وجلود أهلها كلما بليت فمعادة؛ تقدير من عزيز حكيم، لبقاء عذاب الجحيم.
  وتأويل قوله: {تطلع على الأفئدة ٧}، فهو: ما يصل إلى قلوب أهلها من الكرب والشدة.
  وتأويل: {عليهم مؤصدة ٨} فهو: مطبقة مغلقة، وإغلاق جهنم فهو: ما ذكر الله ø من أبوابها، والإيصاد للأبواب الذي هو: التغليق عليهم - فهو من شدة عذابها، وما ذكر الله من الإطباق والغلق - فهو أكبر الغم والألم