تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين 8 يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون 9 في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون 10}

صفحة 22 - الجزء 1

  خاتم النبيين، وكبت أعداءه المحادين؛ قال سبحانه: {إن الذين يحادون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين}⁣[المجادلة: ٥]؛ فلما أن أذلهم وهزمهم، وكبتهم كما كبت الذين من قبلهم، تدارك الكبت في قلوبهم، وترادفت الحسرات في صدورهم، ومرضت لذلك وبه منهم القلوب، وأحاطت بهم منهم الذنوب، فهم في كل يوم يرون من نصر الله لنبيه ويسمعون عنه ما يزيدهم حسدا، ويحدث لهم به في قلوبهم مرضا، حتى صدق الله رسوله الرؤيا بالحق التي كانت في غزوة الحديبية، أراه وأكمل له من دخول مكة آمنا لا يخاف إرصادا، فنزل بالمشركين من ذلك ما كانوا يخافون، وحقق الله لرسوله ما كانوا يحذرون، {ومن بغي عليه لينصرنه الله إن الله لقوي عزيز}.

  وقال في كتاب البساط للإمام الناصر الأطروش #:

  مسألة في معنى {فزادهم الله مرضا} الآية:

  وكذلك ظن المجبرة السوء، التي ظنت بربها في قوله: {فزادهم الله مرضا}، فتأويل ذلك: أن الله جل ذكره أخبر عن المنافقين أن في قلوبهم كفرا وكبرا، وأنهم في شك مريب فكانوا كلما أنزل الله على نبيئه ÷ سورة فيها أمره ونهيه ووعده ووعيده وقصصه وأمثاله - كذبوا بها وازدادوا بذلك كفرا الى متقدم كفرهم، ومرض قلوب الى مرض قلوبهم؛ فجاز في كلام العرب أن يقال: زادهم الله فيما أنزل على نبيه # مرضا الى مرضهم. ونسب الله ذلك الى نفسه؛ لأنه الذي أنزل السورة التي ازدادت قلوبهم بها مرضا.

  ونظير ذلك: أن يقول الإنسان: «قد وعظت فلانا، فما زاده وعظي إياه إلا بعدا من الخير»، ويقول: «قد زدت فلانا غضبا بما أخبرته عن فلان»، و «زاده بما تلى عليه من القرآن كفرا الى كفره»؛ قال سبحانه عن نوح #: {قال ربي إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا}، إلى قوله: {وأصروا