قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا}
  وكذلك المخادعة والمكر والكيد، وكل ما أشبه ذلك في كتاب الله، والحمد لله رب العالمين كما هو أهله.
  · قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا}[البقرة: ١٧]
  قال في كتاب مجموع رسائل الإمام الهادي #:
  وأما ما سأل عنه من قول الله في المنافقين، وما ضرب لهم من المثل في قوله: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون}، فقال:
  ضرب مثلهم؛ ثم جهل فقال: خلقهم وكفرهم، فرجع عن الحق الذي نطق به في أول كلامه حين يقول: ضرب مثلا، ثم قال: هل يستطيعون سماع الهدى، وقد وصفهم الله جل ثناؤه بالصمم والعمى؟
  فقولنا في ذلك: إن الله - جل وعلا - لم يخلقهم كذلك، ولم يجعلهم عميا، ولا عن سماع الخير والتقى صما، وأن الله تبارك وتعالى ضرب لهم هذا مثلا؛ فقال سبحانه: إن هؤلاء الذين آتاهم الهدى، وكشف لهم عن الحق الغطاء؛ فأنار لديهم، وثبت في صدورهم، وأيقنوا أنه من عند خالقهم، فكفروا بربهم، وخالفوا أمر نبيهم، وآثروا ظلمتهم على ما أضاء من الحق لهم، فتركهم الله وخذلهم، ومثلهم - إذ تركوا حظهم، وما أنار من الحق عندهم - بمن استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم، فكان الذي شبهه بضوء النار هو: الهدى الذي أخرجه الله لهم، وامتن به عليهم، فتركوه ولم يتبعوه، ولم يستضيئوا بنوره، وناصبوه وعاندوه؛ لا ما يقول الحسن بن محمد: إن الله سبحانه فعل ذلك بهم، وجعلهم عن استماع الحق صما وعميا، وعن قبول الصدق حاجزا، فجهل الفرق بين المثل والفعل؛ وكيف يجعلهم الله كذلك، ويخلقهم على ذلك، ثم يرسل إليهم نبيه يدعوهم إلى الهدى، ويخرجهم من الحيرة والعمى، وهم عن