قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}
  على الوفاء في كيلهم، ووزنهم ومعاملاتهم؛ إذ كان ذلك أحل وأزكى عند الله ø، وأقرب إلى الجنة، وأنجى من النار؛ والقسطاس فهو: الميزان الوافي، الذي لا زيادة فيه ولا نقصان، وهو الحق المستقيم.
  {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}: يأمره كما تسمع: أن لا يقول إلا ما يعلم، ولا يشهد إلا بما أيقن، ولا يعمل إلا بما أتقن؛ إذا كان الله ø لا بد أن يسأل البصر عن فعله، والفؤاد عن فعله، وجميع الجوارح عن أفعالها؛ فلا يجوز عنده ø إلا الحق، ولا يقوم لديه إلا الصدق، ولا ينجو إلا المحق؛ وقد ينبغي لكل مسلم أن يحافظ على حواسه، ويحول بينها وبين الهوى بجهده وطاقته، فلا يقف من الأمور كلها إلا صحيحا، ولا يتعاطى منها محرما قبيحا، ولا يقول إلا حقا مشروعا؛ والقفاوة في لغة العرب فهو: التتبع لكل شيء من خلفه؛ فما تبعته من خلفه فقد قفوته ونصرته؛ لأن العرب تقول: «نقف الأثر»، وتقوله العرب: «نحن نقفوا آثار الخيل، وآثار الإبل، وآثار الناس، ونحن نقفوا سيرة فلان وفعله، ونحن نقفوا آباءنا وأجدادنا»، يريدون بذلك: أنا نتبع آثارهم، ونقفوا مكارمهم؛ قال الشاعر:
  لمن ظعن غدون مقفيات ... على أثر الخليط متبعات
  قفوت جدودهن وقد تولت ... وحال الآل دون الباكرات
  ويجب مع ذلك: غض البصر، وكف جميع الجوارح عن كل مأثم؛ ديانة وتكرما، وقد كانت الجاهلية على كفرها - تأنف من العيب، وتكره الأمور القبيحة؛ فكيف بأهل الإسلام الذي عظمة الله، وطهره وطهر أهله؟! ألم تسمع إلى قول عنترة بن شداد العبسي، حيث يقول وهو مشرك جاهلي؛ قال عنترة:
  وأغض طرفي ما بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها
  {ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها}: والمرح هو: الخيلاء والكبر، والتيه في لغة