تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة}

صفحة 119 - الجزء 2

  العرب؛ وقد ذكر الله ø ذلك في خلقه، وأمرهم أن لا يفعلوه؛ لأنهم عبيد أذلة، لجبار متكبر، قدوس متعظم، حي لا يموت، ولا يزول ملكه؛ فأما من يموت، ويأكل الطعام - فهو عاجز بين العجز؛ فكيف يتكبر من هذه صفته، وهو الذليل الضعيف المقهور؟! والسيئة المكروهة لا تخفى على أحد.

  وقوله ø: {أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا}، يريد بهذا القول: المشركين الذين زعموا أن الملائكة إناث؛ افتراء منهم على الله ø وعتيا؛ وقد ذكر بعض أهل العلم: إن قائل ذلك في العرب، قوم يقال لهم خزاعة، وهم كانوا حول مكة، فذكروا عنهم أنهم قالوا: الملائكة بنات الله ø، وتنزه عما قالوا وتقدس، وعلا علوا كبيرا.

  {ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا}، يقول: ولقد بينا لهم من كل شيء فيه منفعة وهدى، ولهم فيه نجاة ورحمة؛ فأعلمناهم بما كان قبلهم، وما هو كائن بعدهم؛ فأبوا إلا نفورا. {قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا}، يقول: لو كان لله ø شركاء كما قلتم، أو نظراء كما كذبتم، أو مشاقون كما زعمتم - لطلبوا سبيلا إلى إزالته، واحتالوا بكيدهم في إزاحته؛ قدوس قدوس رب الملائكة والروح، الذي لا شريك له ولا مضاد ولا مضار، ولا مساوي ولا مضاهي ولا موازر، ولا مظاهر ولا مظافر ولا مساهم، ولا مقاسم ولا مخاصم، ولا ند ولا مقاوم، ولا منافر ولا مكابر ولا مزاحم؛ عز فبذ عزه كل عز، وقهر فأذل سلطانه كل قاهر، ودام فأفنى دوامه كل دائم، سبحانه وتعالى لا إله غيره، ولا معبود سواه، ولا خالق ولا رزاق إلا إياه، وهو رب العرش العظيم، يسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن، {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا}، يقول: {إن من شيء إلا يسبح بحمده}، أي: وهو مطيع خاضع لعظمته، فيه آية الفطرة، ودلالة البراية؛ فهو شاهد لخالقه، مسبح ببنيته لبانيه.