تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا}

صفحة 158 - الجزء 2

  أبدانهم، على طول هذه المدة؛ فأخبرهم الله ø أن من آياته التي يرون ما هو أعظم في ذلك.

  ثم رجع القصص إلى ذكر الفتية، فقال سبحانه: {إذ أوى الفتية إلى الكهف}، ومعنى «أووا» فهو: دخلوا فيه ونزلوا، وانضووا إليه وسكنوا؛ إنكارا على قومهم، واعتزالا لهم؛ لما أظهروه من شرارتهم، وعظيم كفرهم، فخرجوا إلى الله سبحانه هاربين، ولقومهم تاركين، حتى صاروا إلى الكهف، {فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة}، ومعنى: {لدنك} فهو: عندك، {وهيئ لنا من أمرنا رشدا}، فسألوا الله سبحانه الرحمة لهم والهداية والرشد والتسديد، فقبل الله ذلك في فعلهم، وشكر ما كان من اعتزالهم؛ فخفف عنهم المحنة، في طول الاعتزال في الناس والوحدة، فضرب على آذانهم، فقال ø: {فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا}، والعدد فهو: ما ذكر الله سبحانه من عدد ثلاثمائة وتسع سنين، ومعنى: {ضربنا على آذانهم} فهو: ما كان من سباتهم، كانوا لا يسمعون ولا يبصرون؛ لما أراد الله سبحانه في ذلك من العبرة لهم ولغيرهم.

  ثم قال سبحانه: {ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}، فقال: {أي الحزبين} يريد: أصحاب الكهف، وأهل عصرهم الذين بلغتهم الأخبار في اعتزال أهل الكهف من قومهم، ولم يكن قومهم ولا من بعدهم يدرون بأهل الكهف، قد أخفى الله سبحانه موضعهم، وسترة عن أعينهم، فكانوا لا يدرون بمكانهم، فقال ø: {بعثناهم}، يريد: من رقدتهم التي كانوا فيها، ثم قال: {لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا}؛ فلم يحط بذلك أحد؛ بل ظن أهل الكهف أنهم أقاموا ساعة، ولم يعلم من سواهم: كم كان مكثهم في الكهف.

  ثم قال سبحانه: {نحن نقص عليك نبأهم بالحق}، يقول: نخبرك بأمرهم على صحته؛ لأن أهل الكتاب كانوا يكذبون، ويقولون ما لا يعلمون من أمرهم، فقال الله ø: {نحن نقص عليك نبأهم بالحق}: الذي لا شك