قوله تعالى: {وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير 78}
  وإن كان كذلك فإن الأخبار الواردة من جهة النبي ÷: ما أوجب متابعة(١) من عدا عترته من القبائل؛ فالآية وإن كانت عموما قد خصتها الأخبار الواردة عن الرسول ÷، والكتاب والسنة محدثان إلى جهة واحدة، فلا يجوز الفرق بينهما، ولم ينص الرسول ÷ على أن قول غير عترته من القبائل حجة، فيجب حمل الآية على أن المراد بها عترته $، دون سائر ولد إبراهيم؛ لهذه الدلالة.
  وقال في شرح الرسالة الناصحة للإخوان للإمام عبد الله بن حمزة #، في سياق استدلاله على إمامة أهل البيت $ بالآية:
  وجه الاستدلال بهذه الآية: أن الله تعالى أمر أولاد إبراهيم # أمرا ظاهرا بالجهاد في الله تعالى حق الجهاد، ولا يكون ذلك كذلك إلا بتجييش الجيوش، وعقد المراكب، وشن الغارات، وحمل من عصى الله تعالى على طاعته، حتى يتمحض الجهاد فيه ø، ويتعرى عن غرض آخر بجميع وجوه الإمكان، من شدة ولين، وإقامة الحدود، وحفظ البيضة، وسد الثغور، وسياسة الجمهور، وقتل المحاربين، وسوق الهاربين، وأخذ أموال الله تعالى ممن وجبت عليه طوعا وكرها، وصرفها في مستحقها، إلى غير ذلك من سائر أنواع أعمال الإمامة. وإنما قلنا ذلك: لأنه لا يعقل من إطلاق الجهاد في الله تعالى حق الجهاد إلا: ما قدمنا؛ بدليل: أنه لا يجوز أن يقول القائل: «إن فلانا حارب أعداء الله تعالى، فشن عليهم الغارات، وقاد إليهم المقانب، ونصب لهم المكائد، وأدار في حربهم أنواع الحيل، وهجر له النوم، وجمع العدة، ورتب الأمر فيه على مقتضى حكم السياسة، ولم يجاهدهم مع ذلك حق الجهاد»؛ بل ينفي ما قدمنا، ويقول القائل: «إنه جاهدهم حق الجهاد»، فثبت أن المجاهدة في الله تعالى حق جهاده
(١) هكذا في النسخة المنقول منها، ولعل العبارة: «ما أوجبت متابعة ...».