تفسير وبيان لبعض آيات القرآن،

عبد الرحيم بن محمد المتميز (معاصر)

قوله تعالى: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون 82}

صفحة 416 - الجزء 2

  وأجزاها في النحر والجزاء أعظمها عظما.

  ثم ذكر مالهم فيها من المنافع الكثيرة التي يعملونها، ويرفقون بها من الجلود والوبر، فذكر ما فيه منه من ذلك من منة ومعتبر، وذكر سبحانه عظيم النعمة في لبنها السائغ المشروب، فلا يذكر تعالى أبدا ولا يعجب بعجيب، فأي لبن الإبل في فضله وصحته، وجودة غذاءه في الأبدان ومنفعته، وما لشاربه بشربه من عجيب الزيادة في قوته. تقول العرب قولا واحدا، تجمع عليه من بلدانها، مع أنه لم يدخل الأجواف شراب قط أصح صحة، ولا أنفع منفعة، ولا أبين في الأبدان أثرا، أطيب لريح الأجساد طيبا، ولا أنقى لكل آفة وداء، ولا أصفى للألوان صفاء، وألطف للبطون مع شدة العصب البدن لطفا - من ألبان الإبل. ويقال: إن ما في عرب البادية من صفاء الألوان، ولين الأسنان، وقوة البطش في الأبدان إنما هو لما يشربون من ألبان الإبل؛ فمتى ذكر الله سبحانه المنة بنعمة بينة لها ما من على الناس من النعم - فليفهم من عقل وفكر وتفهم: أن في المذكور خبرا عجيبا من الأمور، وقد أجمع الأطباء: أن ألبان الإبل لكبار من الأسقام أصح الدواء، وهو بعد من أطيب ما يشرب من اللبن، وأنفعه في الغذاء. وقد يقول من يشرب المسكر المحرم، من مجان العبر وشطارها: إن لبن الإبل يجدونه أصح - إذا شربوه - من المسكر، لما يجدون به من القوة، ويصفي من الألوان، ويلين من أبشارها؛ قال الله سبحانه وتعالى منبها على الشكر لفضل ما جعل من الأنعام، من النعم الكبار العظام: {أفلا يشكرون}.

  ثم رجع القصص والخبر إلى ما في أول السورة، من تنبيه المنذرين الذين ذكر الله سبحانه أنه بعث إليهم رسله للتذكير والنذارة، فذكر ضلالهم في أصنامهم، وما يقولون به كذبا ويموهونه باطلا في عبادتهم من النصرة: {واتخذوا من دون الله آلهة لعلهم ينصرون}.

  ثم أخبر الرحمن الرحيم: أن آلهتهم لا يستطيعون نصرهم، وأنهم جند لهم