نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 290 - الجزء 1

  وجَاحَدُوا اللَّه عَلَى مَا صَنَعَ بِهِمْ مُكَابَرَةً لِقَضَائِه ومُغَالَبَةً لِآلَائِه فَإِنَّهُمْ قَوَاعِدُ أَسَاسِ الْعَصَبِيَّةِ ودَعَائِمُ أَرْكَانِ الْفِتْنَةِ وسُيُوفُ اعْتِزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَاتَّقُوا اللَّه ولَا تَكُونُوا لِنِعَمِه عَلَيْكُمْ أَضْدَاداً ولَا لِفَضْلِه عِنْدَكُمْ حُسَّاداً ولَا تُطِيعُوا الأَدْعِيَاءَ الَّذِينَ شَرِبْتُمْ بِصَفْوِكُمْ كَدَرَهُمْ وخَلَطْتُمْ بِصِحَّتِكُمْ مَرَضَهُمْ وأَدْخَلْتُمْ فِي حَقِّكُمْ بَاطِلَهُمْ وهُمْ أَسَاسُ الْفُسُوقِ وأَحْلَاسُ الْعُقُوقِ اتَّخَذَهُمْ إِبْلِيسُ مَطَايَا ضَلَالٍ وجُنْداً بِهِمْ يَصُولُ عَلَى النَّاسِ وتَرَاجِمَةً يَنْطِقُ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ اسْتِرَاقاً لِعُقُولِكُمْ ودُخُولًا فِي عُيُونِكُمْ ونَفْثاً فِي أَسْمَاعِكُمْ فَجَعَلَكُمْ مَرْمَى نَبْلِه ومَوْطِئَ قَدَمِه ومَأْخَذَ يَدِه.

  العبرة بالماضين

  فَاعْتَبِرُوا بِمَا أَصَابَ الأُمَمَ الْمُسْتَكْبِرِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ بَأْسِ اللَّه وصَوْلَاتِه ووَقَائِعِه ومَثُلَاتِه واتَّعِظُوا بِمَثَاوِي خُدُودِهِمْ ومَصَارِعِ جُنُوبِهِمْ واسْتَعِيذُوا بِاللَّه مِنْ لَوَاقِحِ الْكِبْرِ كَمَا تَسْتَعِيذُونَه مِنْ طَوَارِقِ الدَّهْرِ فَلَوْ رَخَّصَ اللَّه فِي الْكِبْرِ لأَحَدٍ مِنْ عِبَادِه لَرَخَّصَ فِيه لِخَاصَّةِ أَنْبِيَائِه وأَوْلِيَائِه ولَكِنَّه سُبْحَانَه كَرَّه إِلَيْهِمُ التَّكَابُرَ ورَضِيَ لَهُمُ التَّوَاضُعَ فَأَلْصَقُوا بِالأَرْضِ خُدُودَهُمْ وعَفَّرُوا فِي التُّرَابِ وُجُوهَهُمْ وخَفَضُوا أَجْنِحَتَهُمْ لِلْمُؤْمِنِينَ وكَانُوا قَوْماً